رغم وجود تمثيل نشط للولايات المتحدةالامريكية على المستوى الدبلوماسي بدرجة قائم بالاعمال مع طاقم اختير بدقة للسودان الا ان العلاقة بين البلدين ظلت في مربع الشك والقطيعة السياسية والمقاطعة الاقتصادية التي تتجدد تلقائياً عاماً بعد عام يحرسها «اللوبي» المعادي للسودان في دوائر الادارة الامريكية وتغذي ذلك معلومات مضللة ينقلها اعلام منحاز ورسل يعدون تقاريرهم قبل مغادرتهم للارض الامريكية، ولا تعدو زيارتهم للسودان غير ان تكون وسيلة لاضفاء مصداقية على وهم ما أعدوه سلفاً، وفي خضم ذلك كله تجري الأحداث في العالم العربي بما لا يصب في مصلحة السودان.. فالتطرف الاسلامي يزداد في العراق، وألوية داعش تشتعل من مدينة الى اخرى، وجيش الحوثيين ينتشر في اليمن، وسيناء تنفجر رغم كثافة الجهد العسكري المصري، وسوريا تتعدد فيها محاور القتال جماعات مسلحة وبراميل للنظام تتساقط وقوة داعش تصمد حتى في وجه التحالف الدولي، وليبيا بين حكومتين غربية في طرابلس وشرقية في بنغازي، الاولى ثورية والثانية برلمانية. هذا المحيط المضطرب، وهذه الأمواج الدموية المتلاطمة زادت من أهمية السودان من حيث المكان والزمان خاصة وانه ما كان يُحارب الا من أجل توجه اسلامي لحكامه ظنت الولاياتالمتحدة انه يشكل خطراً عليها بعد أن أصابتها أحداث 11 سبتمبر في مقتل، ووصل التهديد الى عقر دارها، فكان الإنتقام عشوائياً على السودان بضرب مصنع الشفاء للدواء بأرضنا. اثر قتلى برجي التجارة في نيويورك، ومن ثم وضع السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب، ثم تفعيل مقاطعة اقتصادية، وتأييد اتهامات جائرة على السودان ورموزه في مجلس الأمن لتحريك المحكمة الجنائية المسماة دولية لإتهام قيادات السودان بجرائم ضد الإنسانية في الوقت الذي لا تعترف فيها الولاياتالمتحدة نفسها بتلك المحكمة، بينما السودان ايضاً ليس عضواً في اتفاقية روما، ولا تنطبق عليه أحكامها لكنه الكيد بالباطل على السودان. قبل أيام تم تجديد العقوبات على السودان، ووقع أوباما كما يفعل كل عام على ذلك دون مراعاة لأن السودان اصبح الاضاءة الوحيدة في محيط مظلم، والأمان الوحيد في اطار دامي، وقد تراجعت معدلات الحوادث في دارفور والمنطقتين في جنوب كردفان والنيل الأزرق حتى أصبح الأمان يعم سائر أرجائها ومحادثات السلام مشرعة في اديس ابابا بعون الاصدقاء سعياً للسلام، وكذا الحوار الوطني بالداخل لجمع الشمل الوطني، أبعد كل هذا يستحق السودان هذه المقاطعة..؟ وذاك الوصف بالارهاب ام ان الادارة الامريكية لا تتراجع عن قرار اصدرته وإن تغيرت الظروف والمعطيات التي صدر فيها ذلك القرار. الولاياتالمتحدةالامريكية لا مناص لكل دولة من التعامل معها دون تفريط وتبادل العلاقة دون تفريط والاستفادة من قدراتها الاقتصادية والتكنولوجية دون اذعان فهي الدولة العظمى «العظمة لله من قبل ومن بعد» التي تعيش اوروبا تحت ظلال سياساتها وتوجهاتها، فكيف من هم احوج لابسط مقتضيات الحياة والدولار قد دخل في السودان كل بيت من المغتربين ومن غيرهم حتى اصبحت اسواقه في القرى كما في الدرادر في النيل الابيض والفادنية شرق النيل وغيرها والاعلام الامريكي المباشر وغيرالمباشر والمأجور لامريكا يطل على كل بيت صباح مساء وسلاحها يجوب سماء الدنيا كلها وطائراتها بدون طيار يمكنها الوصول والاصابة القاتلة في فيافي اليمن أو في أرجاء حلب أو ببيت العرب كوباني. وحقيقة ليس لنا مشكلة مباشرة مع الولاياتالمتحدة ولا ماضياً يحمل اي ضغينة لها فيما عدا ما نشترك فيه مع سائر العرب في دعمها وتعهدها بأمن اسرائيل وذاك امر له محيطه الاقليمي والدولي يجب الا تتأثر به العلاقة الثنائية كما لم تتأثر مع دول الخليج ومصر والاردن وغيرها ونحن الدولة التي استقبلت الرئيس نيكسون في عهد الرئيس عبود وبوش في عهد نميري قبل توليه السلطة وجون كيري قبل توليه حقيبة الخارجية وبعد ترشحه للرئاسة حيث اصبح رئيساً للجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الامريكي، هذا الرجل ما نراه الا صديقاً للسودان حيث زارنا ثلاث مرات، ووقف على الحياة بالسودان بعد ان سمع ما هو مغاير لما رأي واجتمع بالكثيرين فيه وقد استقبلناه ضمن قيادات سودانية وحادثناه وهو اكثر الامريكيين الذين زاروا السودان صدقاً حين عاد بما حمل من السودان ولم يزد على ذلك لذا فليس غريباً ان يهاتف وزير خارجيتنا مؤكداً ضرورة الاتصال المباشر حول المسائل المشتركة بين البلدين والاستعانة به لرأب صدع العلاقات وتلك اصبحت واجباً لا مندوباً. جون فوريس كيري كاثوليكي الديانة ديموقراطي التوجه بخلفيته القانونية ومهنته الاصلية كمحامي هو الاقرب لان يكون مفتاح العلاقات الجديدة مع امريكا كيف لا وقد جلس الساعات الطوال نقاشاً وتدارساً لكل ما يثار عن السودان وحكومته وقادته وقد جلس هو وزوجته تريزا هاينز صاحبة ومالكة «الكاتشب» الشهير «هاينز» والتي تزيد ثروتها عن ثلاث مليارات من الدولارات، جلسوا الى «البالمبو» والى التراث السوداني وتفاعلوا معه وتحسسوا الامن والسلام في السودان بأنفسهم دون رواية من اعلام مضلل كما فعل من قبل السفير «مكارني» الذي كان يهرول في شوارع الخرطوم دون حراسة فاذا بحكومة بلاده تأمره بالمغادرة الى كينيا لعدم وجود امن بالسودان لتسرق منه سيارتين في اليوم الثاني لوصوله ولتقول زوجته فكتوريا «فيكي» انها لا علاقة لها بالسياسة ولكنها لم تحس بأمان اكثر مما احست به في الخرطوم وكردفان ومدني وكل ما زارته من ارض السودان. لن نتنازل عن مبادئنا وعقيدتنا لكن الحكمة ضالة المؤمن، نعم لقد ذهبنا مستجيبين لدعوة دينية مسيحية «لافطار الدعاة من اجل السلام» بواشنطن في الماضي حيث التقينا بعدد من قيادات الكونجرس الامريكي والتقيت مرة ثانية لثلاث دقائق بوزير الخارجية جون كيري مذكراً بأمر السودان داعياً للاهتمام بتطبيع العلاقات وانهاء المقاطعات، ومن هنا اشد على يد اخي علي كرتي بالا تضيع فرصة تفك عنا وعن شعبنا الحصار الجائر المفروض علينا من امريكا واعوانها في المنطقة سائلين الله ان يفتح علينا بفتح من عنده. ٭ سياسي وخبير قانوني