تداعيات الأزمة المالية الطاحنة والتحول من الرهن العقاري والمضاربات إلى الإنتاج السلعي، وهواجس توفير الغذاء والحفاظ على البيئة والتحكم في أسعار الطاقة.. تدفع العالم إلى مزيد من التخلق والتشكل لمواجهة مستقبل يفتقد حتى الشمعة التي تضئ نهاية النفق . شركة سكر كنانة وفي إطار مبادراتها واستراتيجيتها واستباقاً للقرن الحادي والعشرين والألفية الثالثة وضعت خارطة طريق علمية في خطط وبرامج تعظم فيها استغلال مخلفات الإنتاج الزراعي والصناعي، لزيادة القيمة المضافة واستغلال الأصول المتوفرة للشركة بجانب ترشيد الصرف واكتساب صداقة البيئة عوضاً عن طمر هذه المخلفات في باطن الأرض . خلال السنوات الأخيرة وبجهود ذاتية مدعومة بالخبرات الخارجية وسعة التجربة ثم وضع الخطة العشرية لتنتهي في 2014/15، وهي خطة طويلة المدى تأسست على تجربة كنانة وعلى الظروف الخارجية والداخلية التي تعايشها وتحيط بها، وحددت هدف خفض التكلفة وتجويد الإنتاج باستخدام أفضل الممارسات عبر التوسع الأفقي والرأسي وتنويع مصادر الإنتاج للخروج من مصيدة الإعتماد على منتج واحد، وشملت مشاريع الخطة والتوجه نحو الحصاد الأخضر، حفاظاً على البيئة واستغلالاً للمخلفات في إنتاج الكهرباء والأعلاف الخضراء، كما تم التوجه نحو إنتاج الإيثانول من البقاس لاستغلال هذه المادة الناتجة من عصر القصب والتي كانت تعتبر مشكلة في ترحيلها للتصدير أو طمرها في باطن الأرض... شهدت الفترة أيضاً توسع طاقة الطحن في المصنع من 17 ألف إلى 26 ألف طن بما يرفع سقف الإنتاج إلى أكثر من 400 ألف طن من السكر، في رقعة زراعية مساحتها 82 ألف فدان مع ارتفاع إنتاجها من 3 ملايين طن إلى 4 ملايين طن قصب. انبثقت الخطة الخمسية للشركة استجابة للتطورات العالمية في صناعة السكر وفي تجارته، بتركيز على خفض التكاليف والارتقاء بالإنتاجية وإدخال مشاريع التنوع في مزرعة الدواجن وانتاج المعدات والألبان والإيثانول وإعطاء مزيد من الدعم والقوة لشركات كنانة الفرعية، وعلى رأسها شركة كنانة للهندسة والخدمات الفنية المحدودة كأحد أذرع كنانة الفنية، وكمستودع لخبرتها وآلية لإدارة وتنفيذ دراسة مشاريع السكر والمشاريع المرتبطة بها وسوقت خبراتها في السودان ونيجريا ومصر ويوغندا وكينيا. إنزالاً لخبرات كنانة من الحقول والصدور إلى النشور وضعت كنانة خطة السكر الكبرى للانتقال بالسودان إلى منتج رئيسي في العالم لسلعة السكر، وتحويل صناعة السكر من مجرد صناعة لغذاء الإنسان إلى صناعة لغذاء الحيوان والدواجن، وإلى مصدر أخضر متجدد للطاقة، وشملت خطة السكر الكبرى التي قدمتها وزارة الصناعة إلى اجتماع مجلس الوزارء الموقر بكنانة في مارس 2008 في إجتماعه التاسع وأجازها المجلس كخطة قومية وهي خطة متكاملة للإرتقاء بإنتاج السكر إلى عشرة ملايين طن، بجانب المنتجات الجانبية ومنتجات تصنيع مخلفات الإنتاج وأهمها الإيثانول بطاقة إنتاجية تعادل ثلاثة أرباع طاقة توليد خزان مروي، وتشمل منظومة السلع الأعلاف واللحوم والألبان والأسمدة والأعلاف الخضراء والفحم والورق والأخشاب وغيرها، وهي صناعة تستند على حيازة أراضٍ جديدة والإستفادة من الأراضي الهامشية المروية للمشاريع الزراعية وتستخدم الخطة عمالة ثابتة وموسمية تصل إلى 2 مليون تشمل كل التخصصات الفنية وغير الفنية، وتخلق الصناعة مدناً سكنية حديثة مهيأة بالمدارس والمنشآت والخدمات الإجتماعية الأخرى والإنارة والمياه وغيرها. وكذلك تعتبر هذه الصناعة صناعة مناهضة للفقر ومحفزة على استقرار السكان في الريف وتحول دون هجرتهم للمدن، لأنها صناعة دائمة تحتاج إلى عمالة متنوعة وتوطين الحيوان في الدورة الزراعية كما أنها صناعة للتصدير، خاصة بإدخال زراعة الحبوب النقدية والخضروات وإدخال تربية الأسماك في المسطحات المائية والزراعة بين سرابات السكر لإنتاج الخضر للتصدير آسيا واوروبا. ومواكبة مع مستجدات الإقتصاد العالمي والإقليمي والوطني تم وضع استراتيجية كنانة 2020 بعد استكمال مشاريع الخطة العشرية السابقة قبل زمانها المحدد وفي إطار خطة التغيير والتوحيد كآلية لتنفيذ الخطة الخمسية بتحويل كنانة إلى وحدات انتاجية مستقلة قامت استراتيجية كنانة على تعظيم استغلال الموارد وزيادة الأرباح والأرباح الموزعة على المساهمين وخفض التكلفة وتجاوزت طموحات كنانة النطاق المحلي إلى المجال العالمي بقيام شراكات ذكية مع شركات التمويل العالمية، وتم قيام صندوق بلتون في إطار شراكة محاصيل برأسمال قدره مليار دولار كأول تجربة رائدة في السودان نحو التمويل غير المباشر الذي ضعف أواره بعد الأزمة الاقتصادية الأخيرة كتجربة تضيف بعداً استثمارياً جديداً وتدعم خطط السودان التنموية وتفتح نافذه نحو الاستثمارات العالمية المبرأة من الضغوط، كما قدمت كنانة تجربتها في إنشاء مشروع سكر النيل الأبيض عبر شركة كنانة للهندسة والخدمات الفنية المحدودة كمشروع ينتج 450 ألف طن سكر بجانب الصناعات المتنوعة، كما أنشأت كنانة شراكات ذكية مع المزارعين بمشروعي الرهد والسوكي لزراعة المحاصيل النقدية في إطار خطتها العشرية سأقدم في الحلقة القادمة بعض التفاصيل في استراتيجية كنانة 2020 والتي تمثل مصفوفة من التوجهات والمشاريع والمبادرات تنقل كنانة إلى مصاف الشركات العالمية، وتفتح المجال أمام استثمارات ضخمة تقفز فوق مرارات الحصار الإقتصادي وتستقطب المزيد من المستثمرين العرب والأجانب.