لم يكن ما رواه النائب بمجلس الولايات الفريق أول آدم حامد موسى يحمل مفاجآت وهو يسرد أمام عضوية مجلس الولايات في جلسة ساخنة ومترعة بالمعلومات عن المنظمات الأجنبية، سردتها بتفاصيل دقيقة ومعلومات غزيرة وزيرة الرعاية والضمان الإجتماعي مشاعر الدولب، التي قدمت تقريراً أمام المجلس حول اداء المنظمات الأجنبية بالبلاد.. كشف آدم حامد أن منظمة أجنبية استأجرت طائرة خاصة كان على متنها ابنه الطيار الذي نقل له أن ثلاثة من أعضاء المنظمة ضباطاً سابقين بالجيش الأمريكي، وكانوا يقومون بعمل تجسسي تحت غطاء العمل الطوعي، حيث أجروا دراسات ومسوحات في مناطق مختلفة زاروها، وختم حامد حديثه بتمكين السلطات من المعلومات. وإن كان هذا رأي حامد في المنظمات الأجنبية والبالغة (104) منظمة، المسجل منها حتى ديسمبر 2013 بلغ (91) منظمة، فإن كثيرين وافقوا الفريق أول الرأي، ولذلك سيطرت على النواب حالة من عدم الإرتياح بل غضبة عارمة، حيث اتفقوا على خطورة وجود تلك المنظمات.. كان كل نائب يحصل على فرصة للحديث يصب جام غضبه على المنظمات، وقد كشف النائب د. محمد إمام من جنوب كردفان عن تقديم منظمات للإغاثة مقابل ترحيل الأطفال لإسرائيل، وأن بعضها تمتلك أسلحة فيما قال النائب شريف محمدين من شمال دارفور، إنه قبل الإنقاذ كانت الحكومة رقيبة على المنظمات، وتملك سلطاتها لأصغر موظف، حيث كان ضابط إداري صغير يأمر بخروج منظمة.. أما النائب عبد الله الأردب- من شرق دارفور- فوصف وجود المنظمات الأجنبية بدس السم في الدسم ولديها كثير من الأغراض. ويبقى السؤال كيف ستتعامل الحكومة مع المنظمات؟ منذ العام 2009م شرعت الحكومة في سودنة العمل الطوعي، وقطعت شوطاً في ذلك ولعل امتداح النواب لتقرير الوزارة، برز من خلال الإختراق الذي حدث من خلال النسبة الكبيرة لعدد السودانيين العاملين بتلك المنظمات، حيث يبلغ عددهم في (19) منظمة أجنبية (3920) من جملة (4307) أي بنسبة (92%)، وهو الأمر الذي لفت انتباه النائب البروفيسور عوض حاج علي، والذي ثمن دور المنظمات العربية خاصة السعودية منها. مئات المشروعات في كل الولايات بداية من ولاية الخرطوم التي بها (31) منظمة، غرب دارفور (22) منظمة، جنوب كردفان (12) منظمة جنوب دارفور (02) وحتى الولاية الشمالية التي تتواجد على أراضيها منظمتان وتكاد تنفذ مشروعات في كافة القطاعات (صحة، تغذية، تعليم، مياه، إغاثة .... الخ). لكن ما تزال كثير من الصعوبات تواجه الجهات ذات الصلة، وعلى رأسها مفوضية العون الإنساني التي تجاهد لأجل إحكام التنسيق وإيقاف تفلت وتخابر المنظمات الاجنبية ، فكان هجوم النواب العنيف عليها، مصحوباً بمطالبات بتقوية المفوضية والتي تقوم بدور كبير ومتعاظم في ضبط وتوجيه عمل المنظمات الأجنبية، حيث تم إصدار موجهات للعمل الإنساني والطوعي للعام 2013م وتم تجديدها العام الحالي، كما تمت مراجعة وتعديل الإتفاقية القطرية والإتفاقية الفنية للمشروعات بما يتماشى مع تعزيز السودنة، والاستمرار في تقليص وظائف الأجانب بالمنظمات، وتشجيع عمل الكوادر الوطنية وبناء قدرات حوالي (001) منظمة وطنية في مجالات تقديم المساعدات الإنسانية. ولأهمية ذلك العمل استنجدت الوزيرة مشاعر الدولب بمجلس الولايات وطالبت بدعم ميزانية المفوضية، والذي لا يتناسب حالياً مع حجم وأهمية وحساسية العمل الإنساني الذي تقوم به. الإشادة الكبيرة لتقرير الرعاية وتثمين جهودها كان ذو صلة باهتمام الحكومة على أعلى مستوياتها، بتعيين وزير دولة ثان بالوزارة للإشراف على العمل الإنساني والطوعي، وهو كمال حسن علي الذي كان حاضراً لجلسة مجلس الولايات.. ومهما يكن من أمر فإن الحكومة مجابهة بتحدٍ حقيقي، وقد حذرها النائب محمود محمد محمود من كسلا من طرد المنظمات الأجنبية بصورة وصفها ب (الإنفعالية) دون توفير البديل، فضلا ًعن أن المنظمات الأجنبية و(31) من وكالات الأممالمتحدة ومئات من المنظمات الوطنية تتجاوز ميزانية عملها الإنساني مليار دولار.. مما يجعل طريق مشروع السودنة شائكاً.