التأثير النفسي : ولمعرفة مكانة الموسيقى والسماع وأثرهما على شخصية الفرد ، لابد لنا من الرجوع إلى الوراء قليلاً لكي نعرف دور الموسيقى والغناء في حياة الإنسان ، فلو القينا نظرة سريعة على أهمية هذا الفن في العصور الماضية واستقرأنا اتجاهاته ومعاييره وشموليته وسكولوجيته ، لوجدنا أن الموسيقى بصفة عامة فن جماعي لا ينعزل عن سائر نواحي حياة الجماعات البشرية ، تلك هي الحقيقة التي انتهى إليها الباحثون عندما أقروا أن الموسيقى والسماع إنما هما امتداداً لرغبة الإنسان الطبيعية للتعبير عن ذاته فهما يعبران عن عواطف ومشاعر قد لا تستطيع ألفاظ اللغة التعبير عنها . وقد اكتشفت الحضارات القديمة في مصر واليونان والصين والهند منذ أقدم العصور سحر الموسيقى والسماع بوجه عام وتأثيرهما البالغ على النفس واستخدموها في طقوسهم الدينية كأداة للسمو بها إلى درجة الشفافية. وما كان لعلم النفس أن يشهد لهذه الظاهرة الموسيقية والكشف عن أسرار المتعة الموسيقية وفهم الجوانب الهامة من التأثيرات السلوكية في ضبط السلوك الإنساني وتوجيهه وتطويره ، ووحدة الجوانب الروحية والعقلية والجسمية والانفعالية في تكوين سلوك الأفراد وتطويره مثلما يتوقف توجيه السلوك عن طريق الكلام كذلك يتوقف نوعية السلوك الجيد أو الغير جيد عن طريق الموسيقى . خلصنا ان السماع للموسيقى له تأثيراً مادياً وإيجابياً مباشراً وفعالاً ونفسياً ، بهذه الخلاصة نلج الى عنوان المقال، حيث تم استغلال هذه التاثيرات في ترويح ما يعرف بالمخدرات الرقمية ويمكن تفسيرها وٍ تعريفها : التفسير التقني : هذه الملفات الصوتية تحتوي على نغمات أحادية أو ثنائية يستمع إليها المستهلك فتصل إلى الدماغ وتتلاعب بموجاته وتحاكيه وذلك وفق لما جاء في موقع i Doser الأمريكي الأكثر شهرة في الترويج للمخدرات الالكترونية . وتشرح الخبرة الأمريكية في التأثيرات العصبية والنفسية ( ديربخيت فورجو) حيث قالت : تعتمد المواد الرقمية على تقنية النقر في الأذنين فتبث صوتين متشابهين في كل أذن ، لكن تردد كل منهما مختلف عن الآخر ، الأمر الذي يؤدي إلى حث الدماغ على توليد موجات بطئية كموجات ( ألفا) المرتبطة بحالة الاسترخاء ، وسريعة كموجات (بيتا) المرتبطة بحالات اليقظة والتركيز ، موضحة أن المتلقي يشعر بحالة من اللاوعي مصحوبة بالهلوسات وفقدان التوازن الجسدي والنفسي والعقلي ، كما أضافت أن الاستخدام المفرط للأصوات المحفزة يمكن أن يؤدي على المدى الطويل إلى اضطرابات في النوم أو القلق مثلما فى حالة ٍاستخدام المنشطات . ويصف مستشار اللجنة الطبية في الأممالمتحدة وطبيب الأعصاب أن هذه الموسيقى تحدث تأثيراً سيئاً في المتعاطي على مستوى كهرباء الدماغ المخ كونها لا تشعر المتلقي بالابتهاج فحسب ، وإنما تسبب له ما يعرف بلحظة الشرود الذهني ، وهذه اللحظة تعد من أخطر اللحظات التي يصل إليها الدماغ ، إذ يحدث انفصالاً عن الواقع يتمدد إلى أن يصل إلى نوبات تشنج . ونحن بدورنا نكتب ونستشرف المخاطر، حيث أن التعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة بالتجاهل مرفوض ، حيث ثبت أن متعاطي المخدرات الرقمية يستخدمون المخدرات بعدها أو أثناء تعاطي المخدرات الرقمية ، وهذا توطين سلبي للموسيقى وتوظيف أكثر سلبية لشبكة الانترنت ، حيث أن ترويح مثل هذه المخدرات للمستهلك العادي تقلل من الصورة المخيفة لمواد الإدمان ونتائجها المدمرة ، كما تعد ضمن ثقافة تشجيعية لتعاطي المخدرات ونشر ثقافة التعاطي بشكل عام . إن مجانية هذه الخدمات الالكترونية وعدم وقوعها تحت طائلة القانون ، تشكل خطراً على جماعات الشباب ، مما يسهل التواصل العالمي بينهم لتبادل المخدرات وطرق ترويجها . وفي تقرير لقناة ( م تي في ) الفضائية اللبنانية أن تكلفة شراء الملفات تتراوح بين 3 30 دولار ، وتم رصد حالتي إدمان في لبنان ، بينما وصل عدد المدمنين على هذه المخدرات الرقمية بتركيا إلى 200 ألف مدمن ، وأن لا يتطلب سوى جهاز كمبيوتر وجهاز جوال وسماعات ،مما يتوفر تقريبا فى معظم بيوتنا، وسهولة حيازة هذه العدة لكل شاب او شابة فى مجتمعنا. وقد شرعت بعض الدول العربية، وتحديداً المملكة العربية السعودية فى اتخاذ الاجراءات الوقائيه والتى منها عقد سلسلة من الاجتماعات لبحث الإجراءات المناسبة التي تمنع وصول المخدرات الرقمية للمملكة عبر ثلاث هيئات حكومية هي : اللجنة لوطنية لمكافحة المخدرات ،المديرية العامة لمكافحة المخدرات ، وهيئة الاتصالات . وأخيراً نأمل في التحرك الرسمي والمجتمعي وقبل وقوع الكارثة كإجراء احترازي، أن يتم تشكيل لجان متخصصة من ضمنها القانونية لدراسة هذا الخطر القادم تمهيداً للوصول لتشريع لحماية بيوتنا وأسرنا وأولادنا .