إذا أجرينا إحصائية سريعة حول دوافع المشاجرات والمشاحنات التي تقع بين الناس ويذهب بعضها لمضابط الشرطة.. فستجد أن كلمة يا «حيوان» هي القاسم المشترك في النزاعات!! الطيب صالح قال إنّا من قوم إذا غضب أحدهم من الآخر قال له يا ابن الكلب!! الحيوان شريك الإنسان في الحياة ولا أعرف سبباً لغضب بعض النواب وارتفاع صوتهم وهم يناقشون ولأول مرة قانون الرفق بالحيوان. د. نافع اعتبره أي القانون تقليداً للغرب وهزيمة نفسية.. هزيمة عديل يا دكتور؟ وقال الغرب يهتم ب «الكديسة» والكلب أكثر من اهتمامه بالأم والأب، وهذا صحيح.. ولكن ديننا أيضاً يحثنا على حسن معاملة الحيوان، والرفق به والإحسان إليه وكلنا يتذكر قصة المرأة التي وردت في الحديث النبوي التي عذبت بسبب هرة حبستها ومنعتها من أن تأكل من خشاش الأرض. ولا زالت في الذاكرة قصة الرجل الذي سقى كلباً من العطش كان يملأ الدلو من البئر ثم يفرغه في حذائه حتى شرب الكلب. ٭ إذن مثل هذه القوانين نابعة من أصول الدين قبل أن يعرفها الغرب.. كما أنها أصبحت من المتطلبات الإقليمية والدولية ولها علاقة بتجارة الدولة الخارجية في مجال الثروة الحيوانية والصادر الحيواني. العالم يهتم بحقوق الإنسان والحيوان فهنيئاً لحيوانات السودان التي باتت محمية من المجتمع الدولي وبقوانينه.. فأي حمار يتعرض للضرب المبرح أو يحمّل «سيخاً» أكثر من طاقته أو «كديسة» تتعرض للاضطهاد أو «غنماية» «يدبغولا» جلدها دون رضاها.. كل هذه الحيوانات يمكنها أن تتقدم بشكوى ضد المنتهكين لحقوقها وسيجد الظالم عقابه الرادع «سجناً» أو جلداً أو غرامة أو الثلاث عقوبات معاً! واهتمام العالم من حولنا لا يقتصر على القوانين وحدها.. فالعلماء ذهبوا كثيراً في هذا المجال فجاءت الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان والتي أضحت ذات علاقة كبيرة بصحة الإنسان.. فأمراض مثل انفلونزا «الطيور» والحمى النزفية والفحمية وغيرها من الأمراض الجديدة والحديثة ثبت أن للحيوان علاقة مباشرة بها! ومثل هذا التطور جعل أيضاً أهم تعريف للخبر الصحفي يذهب إلى مذبلة التاريخ.. ف «قديماً» قالوا إذا عض الرجل كلباً فهذا خبر!! و«حديثاً» قالوا إذا عض الكلب الرجل فهذا هو الخبر الجاد الذي يجب أن تهتم به الصحيفة.. فما هي الأسباب التي تجعل الكلب «يعضعض» الناس.. فكل مقومات الحياة الكريمة باتت متوفرة له أكثر من الإنسان؟.. ولماذا هو «سعران» إلى هذا الحد؟!