عندما تُذكر شخصية الرُّباطابي، فإن الصورة النمطية لتلك الشخصية، تتمثّل في المبدع القدير، أحمد عمر الرُّباطابي، الذي رحل عن دنيانا في العام 2004م.. في ذكرى هذا الرجل الذي مضى على رحيله عشر سنوات، سأحكي لكم بِضع حكايات، لعل إحداهُنّ تنفُذ الى الجِّدار، فتكون ذات فائدة لشعبنا العظيم، إذا ما وقعت، في عين «المعنيّ بها»..! كان أحمد عمر الرُّباطابي، نسّابة من الطراز الأول، وصاحب دُعابة، وشاعراً ومُلحناً لجميع أغنانيه، التي لم توثّق الإذاعة السودانية إلا القليل منها، الى جانب أشهر أعماله، وهو شعار برنامج «ربوع السودان».. ولد الرُّباطابي، في ريفي أبو هشيم، وعلّم نفسه بنفسه، وكانت له عادة أن يكتب مذكراته اليومية،، فيقال إنّه خلّف عدة كراسات بخط يده، تحكي الكثير عن حياته ومشاهده في الحياة ليت أهله الميامين، يخرجون تلك المُذكرات للناس، لأنها تحوي دون شك، الكثير من ألق السودان الجميل.. كان إنساناً اجتماعياً، ما بيتلوّم مع زول، و«كراعو طويلة»، فلا يشغله شاغل عن المواجبة مشياً على الأقدام، أو راكِباً حماره الأبيض الشّهير، أومسافراً باللّوري، أو بالقطار.. وكان النّاس يدعونه إلى الحفلات، كأحمد عمر الرّباطابي، ودّ البلد، وكفنّان يعطِّر الليالي باسلوبه الشّجي في الغِناء، فقد كان مفطوراً على الابداع، و«طوّالي الفرح في بالو».. عن زامِلته / حِماره، يُقال إنّه وصل إلى بيت من بيوت الأعراس، وخشي من إهمال دابته في الصّقيعة، ولذلك دعا أهل المُناسبة الى الاهتمام بحِماره وربطه في محل قشّ أخضر، أوعلفه بالبرسيم أو الورتّاب، والإحتفاظ بالسرج والبردعة، واللِّجام.. و في أثناء الحفل، مرّ أمامه الشّاب الذي تعهّد بكِلافة الحِمار، فناداه وسأله: «آ جنّا، الحُمار جيّهتو»..؟ قال الشّاب :«بِالْحيلْ جيّهتو،، ردمْتَ ليهو التّبِنْ، وختيت ليهو صفيح موية قِدّامو»..! فقال أحمد عمر، ببديهة الرُّباطاب:«وما أديتو مَعاهِنْ مَحّارة، عشان يَبلِّط ليكم، بُيوتكم المّشقّقّات ديل»..!؟ وفي تجسيده لملاحة الرّباطابي وردوده المُفحِمة، دون اكتراث للسّامعين، تُحكي للراحل حِكاية مع بعض قيادات «الطبعة الأولى» للإنقاذ، عندما كان شعارها، من لدُن الجّماهير: « تلت للطير، وتلت للإسبير، و...، والمُزارع فاعل خير »..! في تلك الأيام الكالحة، زاره في بيته بعضاً من هؤلاء، الذين هبطوا من السماء..! دخلوا عليه بكل «جخْ وجخيخ»، فوجدوه متوعِّكاً، كأن العافية قد سرقته، منذ سماعه لدقّة المزّيكة..! نهض ليستقبلهم مثل كل الضّيوف، فبدا إعياءه ، وأراد أحدهم أن يكونَ ظريفاً.. قال له :«مالك يا عم أحمدْ عُمر، كفّارة يا زول، مالك بقيت عيّان كَدي، أوعا يكون جاك سُكّري»..!؟ ردّ أحمد عُمر على الإنقاذي، الذي كانت أرواح العالمين رهينة يديه: «هه سُكّري..؟! أنا السُكّري ما جاني، وكِت كان متكّل فى البلد بالشّوالات، يجيني في زمنكم دا، وإنتو بتقسموهو في التموين»..؟! و يُحكي، أنّه ركِبَ مع أحد الرّواويس في المركِب قاصِداً بيت عزاء في الضّفة الأُخرى من النيل، وكان روّاسي المركب قطيماً وبخيلاً، لا يعرف يسمع، ولا يعرف يتكلّم، وفوق ذلك اشترط على أحمد عمر، أن يعود مُسرِعاً الى الشاطئ إن أراد الرجوع إلى أهله قبل الزّوال.. لهذا دخل أحمد عمر الرُّباطابي، عجولاً بالفاتحة الجّماعية، ومُعتذِراً لناس البكا، بأنّه حيرجع طوّالي، فوق دربو.. لكن ناس البِكا مسكوا فيهو عشان يقعُدْ، ويستَجِم، ويستطعِم،،، بينما كان يقول لهم :«يا جماعة، أقعدْ كيفِن..؟! وإنتو جايبين ليكم ريِّس، لا بِيِتْنعّلْ ،لا بْيِتْشَكّرْ»..!