غادر في خطوة مفاجئة وربما استباقية الفريق صديق إسماعيل نائب رئيس حزب الأمة القومي إلى القاهرة للقاء الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب- وبحسب الصحف- فإن الزيارة المفاجئة قصد منها النائب الاستنجاد برئيسه الإمام بعد تعرضه لسيل الانتقادات وعواصف الاستهداف عقب تصريحه لإحدى الصحف بدعمه لترشيح البشير لفترة رئاسية أخرى. فهل غادر صديق للقاء الحبيب بعد أن تأكد أن هناك خيوطاً للمؤامرة تنسجها أيادٍ أخرى لممارسة الضغط على رئيس الحزب بالإنابة فضل برمة لإدانة الفريق صديق أو فصله.. ويبدو أن صديق كان قد علم بأن هناك إتجاهاً لخطوات تصعيدية جعلته يلوذ بالإمام ويغادر في سرية كاملة إلى القاهرة. صراعات الفريق صديق داخل أروقة الحزب والتيارات المناوئة له ليست وليدة اللحظة، ولكن لم تكلل كل المحاولات لإبعاده بالنجاح لأن رئيس الحزب كان يمثل حائط صد لكل هذه المحاولات. وإذا كان السؤال مَن مِن مصلحته الإطاحة بالفريق صديق وإبعاده!!، فإن الإجابة أن هناك أكثر من تيار داخل الحزب العريق لا يرغب في وجود الفريق بجانب الإمام، تيار إبراهيم الأمين ومساندوه، بل هناك من يؤكد أن الأمين العام السابق يعتبر واجهة لآخرين مثل مبارك الفاضل، وتيارات الإصلاح والتجديد، والرافضين للتقارب مع الحكومة.. والذي ظل صديق متهماً به، وتيار آخر يرغب في مغادرة صديق الذي وصفوه بالذراع الأيمن لنجل المهدي مساعد البشير عبد الرحمن، الذي ظل الفريق صديق متهماً بمساندته لمواقفه.. وهذا الهدف الأخير لإبعاد الفريق أو قطع ذراع عبد الرحمن داخل الحزب هو صراع آخر يقوده (بيت الخلافة)، والذين يرون أن الحلف بين ابن الإمام ونائبه ربما يجعل من عبد الرحمن أقوى المرشحين للخلافة. أدلة وشواهد أكدت أن صديق تمدد داخل الحزب منها حديث بعض المصادر لآخر لحظة بأن الحزب العريق بكل الولايات يناصر الفريق. إذن فإن الخائفين من توريث عبد الرحمن، والرافضين للتقارب مع الحكومة، والذين يرون أن صديق إسماعيل قد صعد إلى منصب النائب في غفلة من الزمن وبسرعة، كانوا يترقبون تلك الهفوة، وذلك التصريح ليصطادو به الصيد السمين. ولكن ما هو المتوقع من إمام الأنصار لحسم هذا الصراع، وهل تثمر زيارة الفريق للقاهرة وتنجح المهمة وتمكن من قطع الطريق أمام أية إدانة أو خطوات تصعيدية؟. يؤكد المكتب السياسي لحزب الأمة أنه علم بمغادرة الفريق صديق عبر الصحف.. ويرى الكاتب الصحفي حسن إسماعيل أن تصريح الفريق صديق إسماعيل بشأن ترشح البشير ربما لم يكن موفقاً لأن الحزب قد انتقل إلى مرحلة وموقف آخر من الحوار الوطني.. ويشير إسماعيل الى أنه وفي تقديره الخاص أن علاقة الفريق صديق بالإمام الصادق المهدي أقوى وأعمق، وأن الفريق صديق الأقرب لرئيس الحزب من النائب الآخر فضل الله برمة، الذي يؤكد إسماعيل أنه أدلى بهذه التصريحات بعد ممارسة ضغوط عليه من قبل الأمين العام سارة نقد الله وكريمات الإمام الصادق المهدي لما يتناسب مع تبني الحزب لحملة (إرحل). ويؤكد اسماعيل أنه بعد أن تقصى من مصادره بالقاهرة تأكد له أن الإمام الصادق المهدي غير منزعج أو غاضب لتصريح نائبه صديق، بل أنه بذلك يحفظ شعرة معاوية بين حزب الأمة والحكومة، وأرجع اسماعيل ذلك لدبلوماسية الإمام وطبيعته السياسية في التعامل مع الأنظمة، واتفق حسن إسماعيل مع برمة ناصر في أن الزيارة تأتي في إطار آخر لا علاقة له بالتصريحات الأخيرة، قائلاً إن السيد الصادق سيلتقي نوابه ليتفاكر معهم، وتوقع اسماعيل أن تشمل الزيارات كل النواب قائلاً: «إن الإمام خطه فاتح» في كل الإتجاهات ولن يرفض مثل هذه التصريحات. أما اللواء فضل الله برمة رئيس الحزب بالإنابة فقد نفى أن يكون للحزب اتجاه لمحاسبة الفريق صديق أو إدانته، واستبعد أن تكون زيارة الأخيرة بخصوص مارشح في الصحف، وأشار برمة إلى أن تصريحات الصحف تأتي في إطار عكس موقف الحزب في الانتخابات ومقاطعتها.. وقال ل (آخر لحظة): لم نتطرق للفريق ولم ننتقده مادامت تصريحاته شخصية. مشيراً إلى أن الزيارة لمقابلة الإمام تأتي في إطار نائب ورئيس قائلاً: كنت مع الإمام وقضيت معه شهراً كاملاً وهو أمر عادي.