كان قدرنا منذ نعومة أظفارنا «عندما كانت ناعمة ويتم تفتيشها صباح كل سبت في الطابور الصباحي» ونعاقب إذا كانت غير مقصوصة حتى لا نخربش أو نلوث طعامنا، إيه من زمن جميل مضى وأيام ولت ولن تعود، قدرنا أن نشهد حقباً في الحكم تنوعت وانتخابات كثيرة مرت بعضها كامل الدسم حامي الوطيس.. وبعضها بارد لا تكاد تذكر منه شيئاً، وكنا نصحو لنجد أن الجدران في الشوارع الرئيسية قد امتلأت بشعارات الأحزاب وأسماء المرشحين ورموزهم داعية الناس لانتخابهم.. وكان ذلك موسم من مواسم المغالق السودانية حيث كان الجير هو سيد الموقف وكان الخطاطون يبدعون في الكتابة يؤازرهم الرسامون برسم شعارات المرشحين وأحزابهم. وقليلاً تطور الأمر وأصبح للترزية سوق رائج في موسم الانتخابات بدخول اللافتات القماشية شاركهم فيه كل خطاط ورسام وتوارت الدعاية الجيرية شيئاً فشيئاً لاستنكاف أصحاب المنازل الذين لم يروا فيها إلا تشويهاً لجدران منازلهم حتى وإن كانوا ينتمون للحزب الذي لطخ جدرانه بدعايته.ثم جاء عهد توارت اللافتات القماشية لتظهر البوسترات الورقية وعاد للمغالق بعض المجد بمبيعات الصمغ والغراء، وهي على جمال منظرها ومحدودية مساحتها إلا أنه كانت تشوه المنظر العام للمدن ولكنه تبقى أفضل من سابقاتها.وجاء هذا الزمان لتأخذ دعايات الحملة أو الحملات الانتخابية أشكالاً مختلفة طابعها الجمال والأناقة وأصبح البلاستيك سيد الموقف ولم يبقَ للمغالق إلا أن تبيع للمرشحين حبال البلاستيك ليشدوا بها تلك اللافتات في الشوارع الكبيرة والساحات وأصبحت البوسترات هي سيدة الموقف خاصة في البقالات والكناتين وجدران بعض المنازل والأماكن العامة وطورت بعض الأحزاب.. بل قل المؤتمر الوطني من أساليب الدعاية حتى أصبحت مطبوعاته أكثر أناقة وجمالاً وتعبيراً وأصبحت المطبقات بشتى أحجامها تدخل إلى كل بيت دون أن تشوه منظراً أو تخلف نفايات غير مرغوبة وهذا يمثل دليل رقي وتحضر.. ليت كل الأحزاب تسلك هذا النهج وإن كنا نشك في ذلك للفارق الهائل في الإمكانات المادية والكوادر المتخصصة والمؤهلة للقيام بتلك المهام التي لها أثر كبير في الدعاية الانتخابية. نواصل