حان موعد حضوره المعلوم للجميع منذ ميلادهم ولكنه قدم متأخراً جداً كعادته، ، وربما يكون قد جاء ولم يشعر به احد ، فهو وإخوانه الآخرين يتعاقبون علينا دون التزام بمواعيد مسبقة وربما يأتي هذا قبل أن يغادر ذاك أو يتعاقب علينا ثلاثتهم في اليوم الواحد في أمر نادر الحدوث في البلاد الأخرى، أما أخوهم الرابع الأصغر فلسنا متأكدين حتى الآن أنه يأتينا أم لم يشرفنا أبداً أو قد يكون تواري في ثياب أحد إخوته فلم يلتفت إليه الناس بسبب أنهم نسوا ملامحه وتأثيراته، مع أنهم درسوه في مناهج الجغرافيا حين كان اسمها كذلك ، وانه أجملها جميعا وفيه تكتسي الأرض بالسندس النضر ، وتنثر الأزاهير رحيقها للفراش والناس.فتلهم حماس الشعراء وتحفز المبدعين فينعمون علينا بمعلقات طوال. أخيراً ها هو بطلنا قد عاد في غير مواعيد دوامه تلك وأرسل خواصه المعلومة كلها في ثلاثة أسابيع من أحد اشهره المفترضة ، فضج الجميع ، الإدارات أعلنت تغيير مواعيد عملها وطلاب المدارس حظوا بمواعيد نوم وصحو جديدة فقد أضيف تأخير ساعة كاملة لليوم الدراسي لأسبوع ثم ما لبث أن تبعه تعميم آخر بسريانه هذا إلي آخر العام الدراسي الذي شارف على نهايته، احد المسؤولون في إحدى خطبه الحماسية قال إن الموظفين أيضاً يحق لهم التمتع بساعة النوم الإضافية الجديدة ، وبعضهم مثل النساء العاملات أخذها حقاً شرعياً مكتسباً بموجب امتياز الإشراف علي تلاميذ المدارس حتى خروجهم، وربما تكون إدارات شؤون العاملين المسؤولة عن دفاتر الحضور والانصراف قد رضيت بالأمر أيضاً أو غضت عين الرضا التي هي عن كل تأخير كليلة، احتفي الجميع بهذا التطور وتغيير المواعيد بدلاً عن الذهاب في إجازة ، وهذا في حد ذاته يجعلنا في مصاف الدول المتقدمة التي أعلنت عطلة رسمية للمدارس والجامعات، وبعضهم قال ساخراً إن هذا يشبه احتفاء أهل منطقة أصابت ابنهم أمراضاً عصريه فقالوا إنه قد رفع شانهم بين أهل المناطق الأخرى. مواقع التواصل الاجتماعي احتفت به أيضا بطريقتها الخاصة وملأت فراغها المرغوب الذي يستعصي علي الامتلاء، فحيكت النكات والحكاوي و دبجت المقالات وحورت الصور واللقطات ، ولكن أهل الأرصاد الجوي قد صدقتهم تنبؤاتهم هذه المرة في ظاهرة نادرة الحدوث هي الأخرى بأنه سيمكث بيننا حتى الأسبوع الثالث من شهر قدومه فخرج في التاريخ المتوقع ، أيها البرد الهارب مطلوب القبض عليك إن لم تأت طوعاً.