٭ أن تختار القرار الصحيح وسط ظروف وعوامل كلها «خاطئة» فهذا عين الصواب. ٭ المعارضة ظلت على الدوام تلعب بمهارة في «حديقة» الحكومة «الخلفية» السياسة الخارجية.. !! كل «التكتيكات» كانت تذهب لدمغ الحكومة بتهمة اللعب بمصالح الشعب بتحالفات آيدولوجية وشعارات تبتعد كثيراً عن مبادئ السودان «الوسطية» وتاريخه المتمثل في بناء سياسة خارجية «متوازنة» ظلت على الدوام لا تميل لهذا أو ذاك. وكانت الحكومة إزاء هذه السياسات المختلفة تجد نفسها في حالة «مطاردة» دائماً من «ضل إلى ضل»!! ٭ الآن «عاصفة الحزم» أعادت «خلط» أوراق السياسة السودانية من جديد فمثل ما هي مثّلت زلزالاً غير مسبوق في المنطقة العربية بهذا «الحلف» الذي تقوده المملكة العربية السعودية ومعها تسع دول عربية، فإنها أيضاً أحدثت تطوراً كبيراً في الساحة «الداخلية» وأعطت الحكومة «طوق نجاة» جديد، ورمت حبل العزلة من رقبتها وربما لفترة طويلة إن لم يحدث طارئ يعيد الأمور إلى الطبيعة الأولى!! ٭ كثير من أحزاب المعارضة وعلى رأسها «الصادق المهدي» «ارتبكت» بصورة كبيرة ولم تقل «خيراً» أو «شراً» حول موقف الحكومة وانخراطها في التحالف العربي لحرب «الحوثيين».. فبعضها أيّد على استحياء والبعض فضل الصمت وآخرون في انتظار ما تسفر عنه مقبل الأيام!! ٭ ولكن هل مثل هذا «الموقف» يمكن التراجع عنه بسهولة، والحكومة ما «صدقت» أنها يمكن أن تعود «لنادي العرب الكبار»، الذي لا يمكن الدخول لساحاته إلا بشروط.. شروط لا يمكن أن تتوفر بسهولة وهي «كالحظ» عند الإنجليز لا يأتي مرتين. ٭ عاصفة الحزم «حظ أو فرصة ساعة» ربما تحقق تقارباً كبيراً وإستراتيجياً بين «المؤتمر الوطني» و«الحزب الاتحادي الديمقراطي» صاحب المواقف العربية من جهة، ومن جهة أخرى مع الكثير من الجماعات السلفية المعتدلة في الساحة والتي يهمها تطابق المواقف بين السودان والمملكة العربية السعودية.. كما أن ذات الموقف يجد تأييداً وقبولاً واسعاً عند الشعب السوداني ومكوناته الصوفية والسلفية التي ترى في أمن المملكة العربية السعودية واستقرارها خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. ٭ إذن القصة ليست «مصالح» كما يرى البعض، ولكنها عودة لسياسة الاعتدال وتماهي السودان مع محيطه العربي وجيرانه وابتعاده عن سياسة «الأحلاف» المضرة والمؤذية.. فالسودان ظل عبر التاريخ والحقائق الجغرافية قريباً من محيطه العربي والخليجي وإن تباينت المواقف هنا وهناك. ٭ على الحكومة هذه المرة أن تعمل بسياسة «ارمي وراء فقدام مؤمن».. «الوراء» هنا تعني عدم إهمال الحوار الداخلي والركون إلى ما حققته لها «عاصفة الحزم» من مكاسب ربما تكون «وقتية» إن رجع للحكومة «غرورها» القديم!!