أسامة عبد الماجد : وإن كانت أكبر حشود خرجت لاستقبال الرئيس المشير عمر البشير بالولايات بشمال كردفان، ها هي شمال دارفور تتحكر في المرتبة الأولى وباقتدار، حيث خرج مواطنوها واحتلوا الساحة بحاضرة الولاية فاشر السلطان، والأمر ليس بجديد على أهل الولاية، حيث كانت شمال دارفور أول ولاية تستقبل البشير عقب صدور قرار الجنائية في مواجهة البلاد وتخرج في حشود غير مسبوقة مستنكرة القرار، ماجعل الرئيس يشعر بالفخر والزهو ويقول مقولته الشهيرة: الجنائية ومن وراءها ومن يناصرونها تحت جزمتي». وتفاصيل الأشياء في شمال دارفور تختلف عن كل الولايات الأخرى وهي تبث رسالة اطمئنان للمؤتمر الوطني ومرشحه للرئاسة، فهي لم تهب عليها رياح حملة «إرحل» حتى إن كبر في كلمته قال: ولا في زول شاف ولا في زول سمع زول بقول إرحل فالجميع معك»، وكان لحظتها موجهاً حديثه للرئيس. الأمر الثاني أنه بالولاية واحد وعشرون حزباً تخوض الانتخابات وجميعها اتفقت علي أن مرشحها للرئاسة هو عمر البشير، ومن خرج عن الإجماع ودفع بمرشح له وهو حزب العدالة. والأمر الثالث هو أن شمال دارفور هي الولاية التي على عهدها للبشير وقد قالها واليها.. وبالفعل ظلت شمال دارفور تتغلب على آلامها وأوجاعها وواضح أنها عاهدت الرئيس أن تلعق دمها النازف ولا تفرط في شبر من أراضيها للتمرد لما يزيد من العقد من الزمان، منذ الهجوم الشهير على مطار الفاشر واشتعال الحريق بدارفور في العام 2003م وآخرها كانت هجمات العام الماضي التي أسقطت محليات في يد التمرد منها الطويشة، مسقط راس الوالي، ولكن أعادت عاصفة الحزم لدارفور الأمن للمحليات التي تسابق أهلها بالأمس في استقبال البشير. والأمر الرابع أن الفرحة كانت كبيرة لزيارة الرئيس ولكن الفرح الغامر سبق زيارته والوالي كبر يكشف سر الفرحة، وذلك بسبب طريق الإنقاذ الغربي حلم القرن كما وصفه، ومصدر فرح الولاية بسطوع نجم فريق المدينة سلاطين الفاشر، وبإنجاز الخيالة أولاد الفاشر وجسد فرحة أهل الولاية فاصل كوميدي أدته فرقه مسرحية أمام البشير، سأل واحد منهم الآخر كيف نستكمل النهضة فأجابه: شجرة دا بس يرجع». وكان البشير قد شكر مواطني شمال دارفور الذين كانوا «صُرة ودهب مسرة وما في زولاً برة» قبل سنوات عندما دحضوا مزاعم الجنائية، وكرر لهم الشكر بالأمس، وبدأ سعيداً بالزيارة كون ختام حملاته الانتخابية خارج المركز بولاية شمال دارفور، وشكر مواطنيها على «حاجات كتيرة» كما قال منها صمودهم في وجه التمرد ومقاومتهم له وشكرهم على وحدتهم حتى أنه اعتبر ما جرى من تناحر بين قبيلتي البرتي والزيادية مؤامرة وقال: قلت في نفسي الحكاية دي ماعادية». بل إن الرئيس شكر أهل شمال دارفور على إفائهم بالوعد عندما طلب منهم أن يحجزوا مقعداً لفريق رياضي بين الكبار في بطولة الدوري الممتاز وذكرهم بطلبه وامتدحهم حيث اصبح لهم فريقان بدلاً عن واحد. ولأن البشير حاضر البديهة يعلم أن قوة الممتاز في فريقي القمة هلال الملايين والمريخ، قال لهم عاوزنكم تغلبوهم هنا وهناك، ويعني في أم درمان، وأكد أن فوز مريخ الفاشر على المريخ بأم درمان كان يوم عيد، وربما مرد فرحته يعود لهلاليته.. ودلف البشير لتعدد مزايا وفوائد طريق الإنقاذ الغربي، الذي أصبح معبداً وأنهى رهق الدقداق والوحل والصاجات، كما قال البشير- كانت شمال دارفور منصه جديدة وهي دون سائر الولايات تتمتع بشهرة خارج الحدود، ومعلوم أن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس زارتها وكتبت عنها وواليها كبر في مذكراتها، ولذلك كانت سانحة ليطلق منها الرئيس حزمة من الرسائل تجاه حملة السلاح تحديداً الذين ضربوا مطار الفاشر، وقال إنهم يعيقوا مشروعات التنمية ولا يريدون لها أن تتقدم ويخدمون الأعداء، وأكد قطع الطريق أمام كل من يريد الوصول للمنصب عن طريق السلاح وقال: تاني ما في منصب بالسلاح والبجي لمنصب بالبندقية نواجهه بالبندقية». الرسالة الثانية للرئيس كانت للجارة تشاد ولرئيسها إدريس دبي وساق له التحية، وقال إنه لم يرَ منه إلا كل خير وأإنه حريص على أمن دارفور ووعده البشير بإكمال طريق الإنقاذ ليصل حتى بلاده. أما رسالته الثالثة فكانت للأشقاء في المملكة السعودية حيث تمنى الرئيس أن تعود دارفور لسيرتها الاولي عندما كانت بلد المحمل وقال إنهم يدافعون الآن عن أرض الحرمين قبلة المسلمين في إشارة لمشاركة السودان في عاصفة الحزم. والرسالة الرابعة كانت لبعثة «اليوناميد» والتي بات غير مرغوباً في وجودها بالبلاد، عندما أشار الرئيس إلى أن دارفور ستعود كما كانت، وسأل الحشود محتاجين اليوناميد؟ محتاجين الاتحاد الأفريقي؟ وكانت الإجابة ب«لا» تصل إلى عنان السماء من أفواه عشرات الآلاف.كان اللافت في زيارة الرئيس هو مرافقة عضو الهيئة القومية لترشيحه د. عصام أحمد البشير له والذي ألقى كلمة رصينة ركز فيها على شعار حملة الوطني «نقود الإصلاح نستكمل النهضة»، حيث حدّد ضرورة أن يكون الإصلاح في خمسة محاور وهي حفظ الدين وتمكين الشريعة ، تعظيم حفظ النفوس وحقن الدماء ، تعزيز مسيرة العدل ، مكافحة الفساد ، وتقليد الصلحاء واختيار القوي الأمين بينما اعتبر استكمال النهضة بتحسين معاش الناس.