المعروف أن الأجهزة الإعلامية القوية هي من تعمل على تغيير الواقع الذي لا يتماشى مع طبيعة الأشياء، وبالتالي لا تركب الموجة أو تتعامل بنظرية (السوق داير كده)، لذلك كانت سعادتنا كبيرة بميلاد قناة (الخضراء) الفضائية، وكانت سعادتنا أكبر وهي تعلن عن نفسها بثورة فضائية لتغيير الفهم (الغلط) لدي قريناتها من القنوات التي تفهم أن رمضان هو شهر للغناء والرقص والطرب والتسلية، كأنما الصوم يصيب الإنسان بالإكتئاب، لذلك تنافست هذه القنوات في استضافة (ناس زعيط ومعيط) من أهل الغناء والرقص و(المضحكاتية). قناة الخضراء عرفت أن رمضان هو شهر عبادة قبل أي شيء وعرفت أن واقع الحال الفضائي لابد أن يتغير في هذا الشهر الكريمة، لذلك استقطبت كوكبة من نجوم الفن والإبداع في بلادنا، لا ليغنوا أويتمايلوا طرباً، ولكن للسياحة يومياً عقب الإفطار في سيرة الحبيب عليه من ربنا أفضل الصلوات وأتم التسليم، وفي مدحه الذي يطرب ويهذب النفوس ويغذي العقول ويعطي لبرامج رمضان معناها ومغذاها، فكسرت بذلك قاعدة سارت عليها الكثير من القنوات الفضائية السودانية والعربية، وهي تستعد لرمضان قبل ستة أشهر وتهدر الأموال بإنتاج ما ذكرنا من برامج ولسان حالها (رمضان شهر الفنانة والفنان) ورمضان الذي أنزلت فيه برامج الغناء والمسلسلات وبئس لسان الحال، وآخرون يحسبون أن رمضان هو فيلم محمد هنيدي (رمضان مبروك أبو العلمين حمودة)، لذلك نسعد عندما نسمع أن قناة الخضراء ستقدم لنا سياحة في السيرة النبوية في وقت تنشغل فيه غيرها (بالفارغة والمقدودة)، ونسعد أكثر بالبرامج الثقافية الدينية والخدمية والإخبارية والترويحية الأخرى بعد أن تم توزيعها في خارطة زمنية تحترم الشهر الفضيل والمشاهد الكريم، لذلك لا نملك للقائمين على أمر هذه القناة إلا الدعاء بالتوفيق، وأن يكون ذلك بركة على (الخضراء) وفي ميزان حسناتهم. وقبل أن أختم أتوجه بهذا السؤال: لماذا تطل علينا قنواتنا الفضائية مع كل رمضان بكم هائل من البرامج (التافهة) الغنائية والفكاهية الهزلية والسهرات التي تصرف عليها المليارات، لتصرف الناس عن الأعمال الصالحة وتشغل العباد عن رب العباد، هل أنزل الله رمضان لهذه الأشياء؟ خلاصة الشوف : أي برنامج أو مسلسل يعرض في رمضان ستتم إعادته بعد رمضان ، إلا التراويح وقيام الليل وليلة القدر .