من الملاحظ وخاصة في مريضنا السوداني، أن هناك استخداماً خاطئاً للمضادات الحيوية: إن الاستخدام الخاطيء للمضادات الحيوية يخلق جيلاً من البكتيريا المقاومة- تعتبر المضادات الحيوية من أهم اكتشافات القرن الماضي، وبفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل المضادات الحيوية، فقد استطاع الأطباء القضاء على الأمراض القاتلة للإنسان مثل الدرن وغيره- المضادات الحيوية هي أنواع من الأدوية التي تحارب الالتهابات التي تسببها البكتيريا (الجراثيم)- اذا كان سبب الالتهاب هو فيروس، فإن المضاد الحيوي لا يفيد في هذه الحالة، وعلينا أن نعلم أن 90% من مسببات التهاب الحنجرة (الحلق)، أو ما يعرف بنزلات البرد، أساسها فيروس، وعلينا كمرضى (عدم الضغط على الطبيب لإعطاء مضادات حيوية في مثل هذه الحالات)، حيث إن تناول هذه المضادات له مخاطره التي يجب أن لا تخفى على أحد، بالإضافة الى الخسائر الاقتصادية التي ترهق كاهل الخدمات الصحية- حسناً هناك عبارة شائعة من الأطباء وغيرهم تقول: إن الاستخدام غير الصحيح للمضادات الحيوية يؤدي بالبكتيريا الى أن تكون مقاومة لهذه المضادات، فما معنى هذه العبارة؟إليكم شرح هذه العبارة: فعندما تتعرض البكتيريا لنفس المضاد الحيوي سيؤدي هذا حتماً الى خلق نوع جديد من البكتيريا المقاومة لهذا المعتا، أي يصبح غير فعّال، خصوصاً عند استخدامه لوقت طويل دون داعٍ ومن غير إشراف طبي جيد، وفي بعض الأحيان ينتج عن هذا التغيير أن تقوم البكتيريا بمحاربة المضادات الحيوية والانتصار عليها أيضاً، عندها تقوم هذه البكتيريا بالتكاثر والانقسام حتى أثناء أخذ المضاد الحيوي، حيث إنه غير فعّال، وهذا ما يطلق عليها البكتيريا المقاومة لهذا (المضاد الحيوي)، وقد تكون بعض أنواع البكتيريا مقاومة لأكثر من نوع من المضادات الحيوية، وهي مشكلة متزايدة وكنتيجة طبيعية لاستخدامات الأدوية أو المضادات الخاطئة. سؤال يفرض نفسه: هل مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية تسبب القلق والخوف؟ الجواب هو نعم، حيث تصبح هذه المضادات الحيوية عديمة الفعالية لا تقاوم المرض، ومن الممكن أن يستمر الالتهاب لفترة أطول أو أن يؤدي الى أضرار أعظم- كما أن من الممكن أن يصبح المرض أسوأ مما يؤدي الى زيارة الطبيب لمرات أكثر، وقد تزداد حدة المرض وتؤدي الى دخولك المستشفى وأخذ مضادات حيوية أقوى بكثير، وقد تتغير طريقة أخذ الدواء من فموية الى وريدية.بعد هذه التحذيرات والمعلومات السؤال الذي يمكن أن يتبادر الى الذهن هو: متى نستطيع أخذ المضادات الحيوية بأمان؟ - من المفترض أن يكون طبيبك هو أولى الناس بكتابة المضادات الحيوية لك عند حاجتك اليها- وفي هذا الحالة قد تكون بسبب إصابتك بالتهابات الحلق البكتيرية، أو التهابات الجهاز البولي، أو التهابات الأذن أو غيرها من الالتهابات البكتيرية- وكما أسلفنا فإن الالتهابات الفيروسية لا تحتاج لمضادات حيوية- وبدلاً من الضغط على الطبيب أو الشراء المباشر للمضادات الحيوية من الصيدليات، قم بسؤال طبيبك عن الأشياء التي يمكن أن تقوم بها أنت من جانبك حتى تخفف من حدة المرض. كلمة الى الإخوة الأطباء والصيادلة الصيادلة: الرجاء عدم وصف علاجات للمريض من خلال الصيدليات وأن يمتنعوا عن ذلك، فهم خير من يعلم مضار هذه الأدوية اذا أخذت بدون استشارة طبية، وهذه العادة قد تصبح شائعة للمريض السوداني اذا لم تحارب، وتؤدي الى عواقب صحية وخيمة. الأطباء: عدم المبالغة بوصف المضادات الحيوية، وأن يقوموا بإقناع المريض الذي في معظم الأحيان يكون (عنيداً)، بعدم حاجته لهذه المضادات الحيوية، لأن إعطاءه مضاداً حيوياً سيؤدي به الى طلب مضاد حيوي في المرة القادمة عند إصابته بنفس الأعراض، وعدم وصف هذه المضادات سيؤدي بالمريض الى أن يغضب أو يتوجه الى طبيب آخر، مما يضيف عبئاً إضافياً على المريض نفسه. ووفقكم الله وسدد خطاكم