ومن نعم الله علينا.. ورحمته الهاطلة مطر خير وبركة.. أن القرآن أنزله مالك الملك قراناً عربياً مبيناً.. ومن عظمة الإسلام.. أنه دين الحق.. من الحق.. مبشراً بالوعد الحق.. مابه كهنوتية.. ومعجزته هي القرآن.. ولأن كل الأثر.. وإجماع الأمة.. أئمة وجمهوراً.. يلتقون ويتفقون.. ويستظلون تحت تلك الكلمات المضيئة الرفيعة.. الناطقة بالصدق.. الساطعة بالحق.. إن المرء المسلم.. ليطمئن لكل أمر أن يستفتي قلبه.. انطلاقاً من كل ذلك.. ولأن السيرة النبوية العطرة.. وكل أعمال.. وأقوال وأفعال الخلفاء الراشدين قد علمتنا دروساً.. شاهقة وعالية.. علمتنا أن امرأة.. قد راجعت عمر بن الخطاب.. أعظم من أقام عدلاً على الأرض بعد النبي المعصوم صلوات الله عليه وسلامه.. علمتنا.. أن المسلم وحده.. من يقرر هذا حرام وذاك حلال.. علمتنا.. أن أي مسلم عمّر قلبه بالإيمان.. وأناب إلى ربه.. ووقر الإيمان في أعماقه هو رجل دين.. وأيضاً.. دعوني.. اعترف أمام كل الدنيا.. أن مرجعيتي.. الدينية.. إذا انبهمت أمامي الدروب.. وغابت عن عقلي القاصر.. المعلومة الصحيحة.. واحتجت ملحاحاً.. لمن يضيء لي الطريق.. ويفك طلاسم الحيرة.. والشك.. إذا حدث هذا أذهب مباشرة الى مرجعيتي الدينية.. وهي.. هيئة شؤون الأنصار.. لهؤلاء يطمئن قلبي.. ويعم السلام روحي.. وأنام.. بعد أن تنقشع الغمة من عيوني.. أنام سعيداً ملء جفوني.. واليوم.. كان يمكن لخطابي هذا أن يكون معنوناً لأحبتي.. الأنصار.. في هيئة شؤونهم.. ولكن لأن الأمر أمر دولة.. ووطن.. ومواطنين.. ولأن الأنصار لا شأن لهم في دولاب الدولة الضخم الهائل الكبير.. ولأن فتواهم لا ولن تعمل بها الدولة.. فقط لأنها لا تلتفت إلا لفتاوي أئمتنا المعترف بهم من هذه الدولة.. وهؤلاء طفقوا يفتون في كل أمر من أمور المسلمين والمجتمع.. صحيح إنني كثيراً ما عجبت لبعض فتاويهم.. التي أبداً تصب في مصلحة الدولة.. ولكن لأنهم جهة الاختصاص.. فها أنا.. أعلن نفسي محتسباً.. أضع أمامهم.. صورة.. تجافي.. وتناهض وتخاصم شرعنا الحنيف الذي أنزله الله رحمة بالعالمين.. أرفع لهم هذه الشكوى.. وإن كنت أشك كثيراً في أني.. أحصل منهم حتى على مجرد التفاتة.. ولكن.. لأن ضميري سيكون سعيداً ومرتاحاً.. ولأني واثق أن الله سوف يجزيني حتى في مجرد المحاولة.. ها أنا أفعل.. وأقول لهيئة علماء السودان.. وبعد أن أهديهم عاطر السلام.. واسمى آيات التبجيل والتوقير أقول.. المواطن.. سيف الدين إبراهيم التهامي.. عمل هذا الرجل 37 عاماً في خدمة حكومة السودان.. في عام 2007 أتم السن القانونية وأحيل إلى المعاش.. تقدم الى إدارة المعاشات بطلب سلفية مباني «صيانة منزل».. صدقت له هذه الإدارة مبلغ 5800 جنيه «بالقديم».. طالبته بالذهاب فوراً إلى مغلق بالسوق الشعبي بأم درمان ذهب الرجل لاستلام المبلغ.. أخطره صاحب المغلق.. بأنه سوف يعطيه بقيمة المبلغ أسمنت+سيخ+بوهية+أدوات كهربائية.. أخبرهم المعاشي بأن منزله من الجالوص.. ولا حاجة له.. بهذه المواد.. هنا قال صاحب المبلغ إنه سوف يعطيه 5150 بدلاً عن 5800.. لأنه في أمس الحاجة ولأنه مظلوم قليل الحيلة ومقهور.. فقد استلم المبلغ.. صاغراً.. ومواطن آخر هو المواطن.. محمد محمود عمل 40 عاماً.. في خدمة الحكومة.. ضابط إداري في الحكومات المحلية.. وطأت قدماه كل شبر في هذا الوطن القارة.. بلغ سن التقاعد وأحيل الى المعاش.. طلب من إدارة المعاشات.. سلفية مباني.. تصدق له مبلغ عشرة ملايين جنيه بالنظام القديم.. أيضاً طلبت منه الإدارة الذهاب إلى مغلق بمنطقة الخرطوم بحري.. هنا.. قال.. صاحب المغلق.. إنه سوف يعطيه 371 كيس أسمنت.. رفض هذا المواطن الصفقة لأنه ليس في حاجة إلى كل ذاك الأسمنت.. هنا قال صاحب المغلق.. إذاً سوف اشتري منك هذا الأسمنت.. نقداً وأعطيك.. 9300.. ولأن الرجل ما كان له أن يرفض تحت ظل هذا الاستغلال البشع.. ولأنه لا حيلة لديه ولا طريق أمامه غير هذا الطريق المخيف.. الحافل.. بأي شيء.. إلا روح.. وعظمة الإسلام السمحة فقد تسلم المبلغ نقداً.. بعد أن ضاع منه ظلماً وعدواناً واستغلالاً.. مبلغ سبعمائة ألف جنيه «بالنظام القديم».. السادة علماءنا الأجلاء.. ألا يقع هذا.. في دائرة الربا.. افتونا.. أثابكم الله.