٭ يجتهد الصحفي غاية الاجتهاد ويبذل قصارى «طاقته» في الحصول على خبر صحيح ومكتمل «الأركان» وبشروطه! وغاية الأسى والحزن أن يجد الصحفي خبره «ضارب» وقابل للنفي!! ٭ أمس تمنيت أن يكون الخبر الذي بين يديّ وأيدٍ أخرى في صحف الخرطوم ليس صحيحاً و«قابل للنفي».. بل للإدانة والاستنكار لأننا قمنا بنشر خبر «كاذب»!! ٭ تمنيت أن يكون خبر استقالة البروفيسور «هشام محمد عباس» الأمين العام لمجلس الصحافة و المطبوعات غير صحيح ومجرد إشاعات ولكنها «الحقيقة» المرة! ٭ لقد قدم الرجل استقالته، وقال مقربون منه: إنه في طريقه للعمل بإحدى الجامعات السعودية. ٭ كثيرون حاولوا الاتصال به ولكنه أغلق تلفونه ولسان الحال يقول: لا يجدي الكلام!! ٭ نعم شعرت بغصة في الحلق وحزن طاغٍ يضاف لبقية الأحزان «الوطنية» وأنا أسمع نبأ الاستقالة الحزينة والمفاجئة في آنٍ واحد، رغم أننا تعودنا في هذا البلد أن «نلغي» حاجز الدهشة والاستغراب!! ٭ إنها الاستقالة «المقلوبة» في بلد لا يعرف أدب الاستقالات.. عرفت الرجل على المستوى الشخصي قبل فترة وجيزة بعد توليه منصبه قبل شهور.. وقبلها كنت أسمع عنه «كل خير» وسط أصدقائي من أساتذة جامعة «وادي النيل». ٭ فقد كان متميزاً وأسّس كما اعتقد كلية «تنمية المجتمع» هناك، وقدم كثيراً من المبادرات الأكاديمية و الاجتماعية في مثلث «عطبرة بربر الدامر».. وعرفته قناة الجزيرة قبل أن يظهر على «السطح» في هذا الموقع الذي غادره على عجالة!! ٭ تعرفت على بروفيسور «هشام» في ندوة جامعة أقامها اتحاد الصحفيين عقب «إيقاف الصحف».. وتحدث حديثاً نال التصفيق والتأييد. بدا لي في منطقه «أقرب» للمهنية و الأكاديمية من «عواسة» رجال الدولة.. المثالية التي تحدث بها جعلته يحظى بالإشفاق.. وأنا من الذين أشفقوا عليه!! ٭ الطريق ليس مفروشاً «بالورود» والمبادئ «النبيلة» و«الأصول»!! تحدثنا أكثر من مرة كأننا أصدقاء «من زمان».. أحسست أن أفكارنا متقاربة فيما يخص العمل الصحفي وترقيته.. حدثني عن لجنة تطوير المهنة ولأول مرة «اتطوع» بالدخول في لجان الحكومة المعروفة ب«الدهاليز» والممرات «الملتوية»!! ٭ بدا واضحاً في رؤيته والتي رأيناها من خلال الحوارات الصحفية التي أجريت معه أو الندوات والنقاشات التي شارك فيها.. والتي أجملها في أهمية تعديل قوانين مجلس الصحافة ليكون أكثر فعالية.. والفعالية عند د. هشام ليست «الولاية» على الصحف من باب «التسلط».. بل التنظيم وترقية المهنة!! ٭ ولا شك إن أفكاراً مثل هذه لن تجد طريقها بسهولة.. فأهل الصحف مشكلة والدولة «العميقة» مشكلة ثانية.. و«ما خُفي أعظم» مشكلة ثالثة!! ٭«السفينة» لن تمر على «الأرخبيل» بيسر.. كان العشم منا أن يستمر د. هشام.. حتى تمر السفينة وسط الأمواج المتلاطمة وترسى على الجودي!!