يبدو أن ميثاق الشرف المهني الذي يوقع عليه المحامي في مدخل الخدمة لم يردع المحامي المعروف بود مدني أن يزور توكيلاً لبيع أرض يمتلكها مواطن بسيط ورثها عن والده ويقوم باستئجارها ليحصل منها على ما يعين على تغطية تكاليف المعيشة، في أحد الأيام ذهب المواطن «ك.م» للمستأجر كالعادة بداية كل شهر، إلا أن المستأجر فاجأه بأن القطعة بيعت لشخص آخر وتم تسجيلها في المحكمة بواسطة قاضي ومن هناك توجه المواطن «ك.م» إلى المالك الجديد فأكد له مسألة البيع. ٭ رحلة معاناة ومن ثم بدأ رحلة معاناة حيث توجه مباشرة إلى القاضي ليستفسر وبعد جدال وبحث طويل علم أن القطعة تم بيعها بتوكيل مزور بواسطة محامي معروف، فتوجه إلى المحامي الذي طلب منه حل القضية ودياً لكنه لم يصل إلى أي نتائج مع المحامي، فاضطر في نهاية الأمر إلى فتح بلاغ ضده في النيابة بمنطقتهم التي تقع بالقرب من ود مدني إلا أن أوراق البلاغ لم تصل إلى النيابة بود مدني ومن ثم تفاجأ بقرار مزور يفيد بأنه استلم مبلغ مقابل البيع، الأمر الذي دفع به لطلب صورة من التوكيل المزور إلا أنه لم يستجب له، ثم تقدم بشكوى للجنة مراقبة توثيقات المحامين بولاية الجزيرة ضد المحامي، إلا أن اللجنة اكتفت بلفت نظر المحامي ثم تعديل العقوبة إلى إنذار أولي للمحامي. تقدم «ك.م» بعد ذلك بشكوى ضد النيابة للمدعي العام وطلب إحضار إجراءات التحري الأولي بسبب مكوث المحضر أمام النيابة لمدة طويلة، إلا أن قرار المدعي العام وبعد الاطلاع على أوراق البلاغو أمر بإحالة إجراءات التحري إلى نيابة مخالفات الأراضي بولاية الجزيرة بحجة الاختصاص النوعي، وقال إنه قام باستئناف قرار المدعي العام لوزير العدل، مناشداً الوزير بالنظر في مظلمته، مفيداً بأنه فقد مصدر رزقه وليقينه بأن الأرض ملكه ظل يلاحق الجهات العدلية وقام باستئناف قرار المدعي العام إلى النائب العام وزير العدل آنذاك محمد بشارة دوسة، وبعد فترة منحوه قراراً ممهوراً بتوقيع وزير الدولة بوزارة العدل وما زال في انتظار العدالة. ٭ شكاوى ضد محامين وللوقوف على عدد الشكاوى التي تم فتحها ضد المحامين، التقينا محمد أحمد صابر رئيس لجنة شكاوى المحامين وأمين أمانة شؤون المهنة بنقابة المحامين، حيث قال إن طبيعة مهنة المحاماة تجعل المحامي عرضة للاتهام لتعامله مع مجال حساس يتعلق بتأمين المستندات وتوثيقها وتوثيق التواكيل، وإن انتشار الشكاوى لا يجعلنا نصف كل المحامين بالسوء ولكن ظروف عملهم تتداخل فيها كثير من الأطراف، بالإضافة إلى تعاملهم مع مستندات تصدر من جهات أخرى كالتعامل مع بطاقة شخصية غير مؤمنة تأميناً جيداً، وكثير من البلاغات التي تفتح ضدهم يتم شطبها ويبرأ المحامي باعتبار الأخطاء في المستندات، وقال خلال الفترة من 2014- وحتى الآن تلقت اللجنة حوالي 380 شكوى تم الفصل فيها جميعاً، مبيناً أنه تمت إحالة 177 ملفاً إلى مجلس المحاسبة التابع للجنة قبول المحامين للنظر فيها وتم شطب أكثر من 100 شكوى منها. ٭ الشطب من السجل وقال إن عدداً قليلاً من المحامين تم إيقافهم من مزاولة المهنة لفترات تتراوح بين 3- 7 سنوات، وأضاف يمكن شطب المحامي نهائياً من سجل المحاماة ولكن بعد مرور ثلاث سنوات من توقيع العقوبة من حقه أن يقدم طلباً للجنة قبول المحامين مع تقديم ما يؤكد انصلاح حاله، وتنظر اللجنة في الطلب ويجوز لها قبوله إذا ثبت لها أن حاله انصلح، على أن يكون الفعل غير جسيم، وأما إذا كان جسيماً كالتزوير المتعمد يشطب نهائياً، وقال هناك بعض المحامين تم شطبهم من سجل المحامين لم يتم إرجاعهم، وإن اللجنة تنظر في كل القضايا التي تتعلق بسلوك المحامي خاصة مخالفته لقانون المحاماة وقانون أخلاقيات المهنة، وأضاف أن هناك بعض الاختصاصات التي تخرج من اختصاص اللجنة تندرج تحت القانون الجنائي وقوانين أخرى. وقال عبدالعظيم همت سكرتير لجنة قبول المحامين إن لجنة شكاوى المحامين تختص بالنظر في الشكاوى من المواطنين ضد المحامين ومن المحامين ضد بعضهم البعض أو من أي جهة قامت بتكليف المحامي، هذه الجنة تنظر الشكاوى عند مخالفة المحامي لقانون أخلاقيات مهنة المحاماة أو إذا خالف قانون المحاماة، وهي تتبع للجنة قبول المحامين والتي يرأسها نقيب المحامين وعضوية قاضي محكمة عليا وقاضي محكمة استئناف وكبير مستشارين من ديوان النائب العام وثلاثة من كبار المحامين، والقرارات الصادرة من لجنة شكاوى المحامين تستأنف عند لجنة قبول المحامين، وعندما تستلم اللجنة شكوى وحال وجدت أن هنالك مخالفة للقانون، تحيل المسألة إلى لجنة محاسبة المحامين، هذه اللجنة توقع عقوبات على المحامي المخالف للقانون تتمثل في لفت النظر- الإنذار- اللوم والإيقاف لفترة مؤقتة. ٭ شكاوى مركونة ليس لدينا في القانون أو لجنة الشكاوى لجان للمحاسبة، وحق شطب المحامي من السجل نهائياً وبعد أن نشطت اللجنة في الدورة الحالية للنقابة، وجدنا 177 شكوى يجب إحالتها للمحاسبة «مركونة» منذ زمن بعيد والمواطن متضرر، وكونا بالتعاون مع القضائية والنائب العام أربع دوائر لتنظر فيها، كل دائرة تتكون من قاضٍ ومستشار ومحامٍ، وخلال الشهرين السابقين تم الفصل في ربع الشكاوى المقدمة، أغلب هذه الشكاوى شطبت وليس من ضمن العقوبات شطب للمحامين، والمخالفات لا ترقى إلى مستوى أن تذهب للمحاكم فهي خلافات حول الأتعاب أو تأخير في القضايا. ً٭ حفظ الأسرار وسألنا المحامي مجدي سرحان حول الكيفية التي يتم بها تسجيل المحامي فقال إن أهم بنود ميثاق الشرف المهني الأمانة والنزاهة والمعاملة الكريمة للموكلين وتحقيق روح القانون والعدالة وحفظ حقوق الموكلين وأسرارهم وعدم إفشائها، وأضاف أن الميثاق يدور حول الأخلاق الرفيعة وأن يكون المحامي ذا مثل عليا يمتهن المهنة ليس من أجل الارتزاق، بل تحقيق روح القانون والعدالة وإرثاء القيم والمثل العليا، وقال إن المحامي كأي شخص يجب عليه مكافحة الجريمة قبل وقوعها، وقال إن المحامي يجب أن يكون خريج كلية القانون واجتاز امتحان تنظيم مهنة القانون من وزارة العدل ومن ثم يتم تسجيله كمحامٍ تحت التمرين لمدة عام مع محامي تجاوزت فترة عمله العشر سنوات، وبعد انقضاء السنة تجرى له معاينة أمام لجنة قبول المحامين، فإذا اجتاز المعاينة يرخص له لمزاولة المهنة وإذا لم يتجاوزها يرجع إلى المحامي الذي تلقى عنده التدريب حسب السلطات التقديرية للجنة وتمد له فترته. ٭ تعديل القانون وبعد أن يكمل المحامي فترة سبع سنوات يجوز له التقديم لسلطات التوثيق لكنه قال ليس كل محامي تم الترخيص له قادر على العمل، وانتقد نظام المحاماة المعمول به في السودان وقال إنه يوثق للمحامي بمجرد حصوله على الترخيص ليظهر، أما المحاكم الابتدائية «الموضوع-الاستئناف - المحكمة العليا - ودوائر المراجعة» ما عدا المحكمة الدستورية التي تحدد بقيد زمني، وناشد نقيب المحامين ورئيس القضاء ورئيس المجلس الوطني أن يتم تعديل قانون المحاماة ليحدد الظهور أمام المحاكم وفقاً لسنوات الخبرة كما هو معمول به في النظام المصري. ٭ رفع الحصانة ذكر المحامي وجدي صالح أن مهنة المحاماة لأهميتها يتم النص عليها في دساتير الدول وتمنح لشاغلي هذه المهنة الحصانات اللازمة والتي تمكنهم من أداء عملهم دون خوف أو وجل أو تهديد حتى من الجهاز التنفيذي للدولة باعتبار أنهم يعملون من أجل الدفاع عن حقوق وحريات المواطنين، وقال إن هذه المهنة ضلع أساسي من أضلاع العدالة ولذلك تمت تسميتها بالقضاء الواقف، وأضاف أن مهنة المحاماة كغيرها من المهن يمكن أن تحدث من بعض منسوبيها بعض التجاوزات ومخالفة قانون المحاماة وميثاق أخلاقيات المهنة ويحاسب بموجبهما في حال تجاوز المحامي لنصوصهما وتم النص على الإجراءات التي يجب أن تتبع إذا ثبتت مخالفة المحامي لقانون المحاماة. ٭ مخالفة جنائية وقال إذا كانت المخالفة جنائية لا يحقق مع المحامي إلا بعد رفع الحصانة منه بعد تقديم ملخص لما يشتبه في ارتكاب المحامي لمخالفة فيه للقانون، وأضاف أن أي محامٍ لديه حصانة وقال هذه الحصانة إجرائية تمكنه من أداء عمله لكنه غير محصن موضوعياً فيما يتعلق بالمحاسبة، وقال إن الشطب من سجل المحامين عقوبة توقع على المحامي إذا ما ثبتت مخالفته لقانون المحاماة وميثاق أخلاقيات المهنة، وأضاف أن الجهة الوحيدة التي توقع العقوبة لجنة قبول المحامين.