ونحن في قلب قطار الإنقاذ في رحلته المتجهة إلى الوطن، ذاك الذي كان في كامل الهندام.. كامل الأمتار.. كامل المواطنين في عام 1989م.. عندما جاء الأخوان وهم يحملون وعوداً خلابة وآمالاً شاهقة.. ببناء أمة عظيمة ووطن يناهز ويتفوق حتى على أوطان الكوكب قاطبة .. ألم تسمعوا منشدهم وهو يهدر صباح ومساء (حنشيد نحن بلادنا وحنفوق العالم أجمع) .. وتنقضي ست وعشرون سنة من سير القطار.. وفقنا فقط جمهوريات الموز في الكاريبي.. فما أعرضها من أحلام.. ومنشدهم أيامها يشدو أمريكاروسيا قد دنا عذابها.. وها هي المناشدة تلو المناشدة.. والزيارة تلو الزيارة.. والدعوات تلو الدعوات تطلب القرب من أمريكا التي تعززت كما «تعزر الليمون عشان بالغنا في ريدو» وها هي روسيا التي لم يدنُ عذابها حتى اليوم.. تعد السودان بشق باطن الأرض لتخرج أطناناً من الذهب. ٭ المهم أن كل الظروف مواتية وكل الرياح رخاء.. وكل الطرق تؤدي إلى الخرطوم، عاصمة وطن كان يتيه جمالاً ويضيء حسناً.. القطار يحمل فقط من يحملون النجوم اللوامع على أكتافهم .. بعد أن غادره أولئك الذين كانوا يعتقدون أنهم ملائكة هبطوا من السماء.. نعم مازال المؤتمر الوطني من ركاب القطار في رحلته المتجهة إلى السودان عام 89 ولكنهم ركاب في الدرجة الثالثة، ومنهم من انحشر في الدرجة الرابعة.. وبالمناسبة إن هذه الرحلة مخطط لها أن تنتهي عام 2020 وفي تلك السنة وفي ذاك التاريخ تكون ولاية السيد رئيس الجمهورية قد انتهت.. وطبعاً سوف تكون هناك انتخابات جديدة.. وهنا أقول «بقلب قوي» بل أقول وأتحدى في ثقة لا يزعزعها ظن وفي يقين لا يخلخله شك.. إنه إذا رفض السيد رئيس الجمهورية الترشح لولاية أخرى تكون فعلاً وحقيقة أن قيامة المؤتمر الوطني قد قامت وأن الكأس المر الذي ظلت تتجرعه الأحزاب قد امتلأ حتى الحواف ليتجرعه المؤتمر الوطني.. ونحن موعودون في حالة عدم ترشح المشير البشير مرة أخرى.. موعودون بالاستمتاع حد الدهشة وعيش المتعة وأكثر مما عشناه مع الوسيم البديع.. الموهوب المشاغب «ليوناردو ديكابريو» في رائعته «تايتنك» نستمتع كل يوم لأنه عند كل صباح سيتقدم أحد الأخوان سواء أكان من الصقور أو الحمائم بطلب ترشحه لرئاسة الجمهورية.. ٭ سيتقدم أخ باسم المؤتمر الوطني المتحد وآخر باسم «المؤتمر الوطني القيادة الجماعية» وثالث باسم المؤتمر الوطني الفدرالي وآخر باسم «المؤتمر الوطني الوطني» وأخر باسم «المؤتمر التيار العام» وحبيب باسم المؤتمر الوطني الإصلاح والتنمية، وبذا يكون المؤتمر الوطني « راح شمار في مرقة». المهم ونحن في القطار سنطلب من أحبابنا في الإنقاذ أن يعودوا بنا إلى تلك المحطة التي أقلونا منها قبل ست وعشرين سنة وتزيد، لا ليس العودة فحسب بل أن «يرجعوا لنا كل حاجاتنا» التي بعثروها في كل وادي.. يعيدوا لنا السكة الحديد.. بكل عنفوانها .. يعيدوا لنا الخطوط الجوية السودانية بكل طائراتها.. يعيدوا لنا خط هيثرو بكل فخامته وبالمناسبة إن خط هثيرو لا يقدر بثمن.. إنه أغلى من كل أموال صندوق النقد الدولي.. إنه الخط الذي سمحت فيه المملكة المتحدة من دون كل طيران العرب وأفريقيا سمحت فقط لطائرة الخطوط الجوية السودانية الهبوط في نفس الممر الذي تهبط فيه البرتش إيرويز «كمان» أن يعيدوا لنا الخطوط البحرية بكل تلك السفن التي كانت تشق أعالي البحار من «بريوني وحتى أوديسا» .. وبكره نتلاقى.