٭الدهب جبل الدهب: المخرجة والممثلة والإذاعية الراحلة سوسن دفع الله يصعب وضعها في إطار ضيق، لكونها فنانة شاملة عشقت كل أنواع الفنون، وقدمت أعمالها بجرأة إبداعية مكنتها من العثور على صوتها الخاص الذي توزع وتلون في أكثر من مكان إبداعي، جعلها صاحبة نبرة وصوت خاص لا يشبه كثيرين، فقد دخلت في مغامرة المسرح المفضى إلى فضاء العمل الاجتماعي الواسع الذي جعل منها صاحبة أكبر رصيد في العمل الإنساني، فقد ظللت بين رحلة التجريب إلى تخوم الرؤية وفك طلاسم الأسئلة التي ليس لها حدود, خاصة وأنها صاحبة الحضور الودود والتعلقيات العبقرية والحيوية، كما وصفها السر السيد الذي عدّها من ضمن المبدعات اللائي يمنحن المشاهد صورة حقيقية عن مكونات الإنسان السوداني الأصيل، لأنها تتحرك صوب أكثر الصفات الإنسانية التي بدأت تنسحب من حياتنا اليومية وهي الاهتمام بالآخر، ومد يد العون و المساعدة ما أمكن، ظهر ذلك في برامجها التي قدمتها مثل «سهرة مفتوحة مع الجامعات والمعاهد» و«برنامج الأسرة».. البرامج التي قدمتها خلال الثلاثين عاماً منذ التحاقها بالإذاعة،آخرها المسلسل الإذاعي «الدهب جبل الدهب»، أهلتها لتصبح رئيساً لقسم المنوعات في الإذاعة التي دخلتها في العام 1986 كمخرجة وممثلة بارعة و مؤلفة صاحبة خيال، لذلك أُطلق عليها «الفنانة الشاملة» أو كما يحب زملاؤها أن يقولون «الكشكول» لكونها تبرع في كافة المجالات حيث وجد برنامجها التوثيقي مع عز الدين هلالي هوىً في نفوس كثيرين، لكونه غطى جزءاً غائباً في حياة الشخصية السودانية، وهو التوثيق. ٭ شركاء التجربة سوسن هي شقيقة الفنان المسرحي الكبير السني، والذي جمعه بها مؤخراً عمل سوداني مصري لصالح إذاعة وادي النيل بعنوان «النيل يجمعنا» مع المؤلف المصري حسن القاضي وإخراج مجدي النور.. عاشت سوسن المولودة في مدني وسط جو فني قد لا يتوفر لكثيرين، فزوجها هو الفنان وعميد كلية الموسيقى والدراما السابق سعد يوسف، والذي تعرف عليها أثناء دراستها في معهد الموسيقى والمسرح, كما أن أشقاءها هم سعد المخرج وصلاح الأستاذ الدرامي، إلى جانب أن شقيقتها سامية التي تعمل في إذاعة ودمدني.. كل هؤلاء دفعوا بتجربتها إلى التحليق في سماوات الإبداع، كما أن هناك رابطاً شفيفاً بينها والسني والذي قالت له في آخر مكالمة هاتفية جمعته بها حين كانا يتحدثان عن الترتيب لزواج ابنتها سارية والتي كتبت دعوة فرحها بنفسها، ووزعت رقاعها بفرحة الأم، لكنها كانت تتوقع الموت كما قالت لشقيقها السني «أنا احتمال ما أحضر العرس»!! وهذا ما حدث فقد انتقلت إلى جوار ربها يوم فرحة ابنتها المخرج شكر الله خلف حين قال: سوسن كانت بمثابة الأم والأخت لنا جميعاً، لانها تقدم وتجزل العطاء دون أن تنتظر حتى كلمة «شكراً».