هناك قناعات ترسخت لدي الكثيرين ومن بينهم مسؤولين كبار بان الطريق الي تحقيق البطولات لابد ان يمر عبر شراء الحكام ! وللأسف الشديد فان هذه القناعة تحولت الي عمل مشهود يجاهر به من يفعل هذا الفساد ويتباها به ايضا ! وبعيدا عن النظرة الاخلاقية والتي سنعود لها فاننا سنتحدث من نظرة تجارية وكروية حول فكرة شراء الحكام التي انتشرت في المواسم الاخيرة وكانت شبهاتها واضحة في المباريات الافريقية ونؤكد باننا نخسر ولا نربح ! من المعروف ان شراء ذمة حكم تمر عبر عدة طرق من بينها قدرة هذا الحكم علي (خيانة) المنافس .. فهناك اندية تنتمي لدولة قوية يملك مواطنيها القرار في الاتحاد الافريقي مثل الكاميرون والجزائر بجانب مصر الدولة صاحبة المقر .. وهناك الكتلة اللغوية خصوصا التي تنتمي للغة الفرنسية وهي المسيطرة الي حد ما في الكرة الافريقية حاليا .. بجانب وجود اندية لها قدرات كبيرة من الصعب ان تنافسها مثل مازيمبي الكنغولي الذي يملك الرصيد البشري والمادي والجماهير الشرسة في ملعب صعب وبالتالي فان منافستنا علي الحكام ايضا صعبة ! والطريق الثاني وهو الطريق المادي .. فانديتنا ليست من الاندية الغنية بالقدر الذي يجعلها تنافس اندية الشمال الافريقي او بعض الاندية في جنوب وغرب القارة ! والحكم نفسه له طموحات للوصول الي نهائيات عالمية والبيع والشراء الواضح يؤثر في اختياره خصوصا للبطولات الكبيرة لذلك فانه من الصعب ان ينحاز لك بصورة فاضحة خصوصا في ادوار متقدمة لذلك نلاحظ بان هناك اندية تكسب بسهولة وبانحياز الحكام في الادوار التمهيدية او ادوار ما قبل دوري المجموعات ثم يقل انحياز الحكام الا ما ندر ! ولكن الشئ الغريب ان الهلال والمريخ تعرضا للظلم او لنقل لعدم انحياز طبيعي من الحكام لاصحاب الارض .. فالحكم الكاميروني (اليوم) وهو حكم معروف عنه عدم الضمير .. كان بامكانه ان يجامل المريخ في الهدف المنقوض .. رغم ان المنطق يقول بان هناك مخالفة قبل تنفيذ الكرة فالقرار السريع الذي اتخذه الحكم بجانب اعتراض مدافع مازيمبي ومطالبته بانذار بكري يؤكدان ذلك .. ولكن كان بامكان الحكم (المنحاز) ان يحتسب الهدف بناء علي تاريخه وهو ما يقودنا الي تفسير اخر بان هذا الحكم جامل المريخ في تسلل الهدف الثاني فقط ونقض له هدفا كان بالامكان ان يحتسبه وهو مايعزز حديثنا السابق عن انه موبايل (بشريحيتن) او ربما تاكدت الاشاعات التي تملأ المدينة منذ المواسم السابقة بان الاشخاص الذين يستلمون الدولارات من اجل استمالة هولاء الحكام لا يسلموها لهم ! او يعملون (ابو القاسم) وهناك من يتحدث عن حامل الدولارات الذي ينال نصيب الاسد وكأنه من يحتسب ضربة الجزاء او يفوت التسلل !! وفي مباراة الهلال قام حكم (الجلاكسي) الشهير باحتساب ضربات الجزاء بعدم احتساب ضربة جزاء اوضح من الشمس للفريق صاحب الارض والجمهور وفي لحظة هياج جماهيري تؤثر في حكم اللقاء بدرجة تجعله يحتسب الضربة ولو حامت شكوك حول صحتها دعك من وضوحها !! ليقفز السؤال .. لماذا لم يحتسب الحكم هذه الضربة لصالح الهلال ؟ هل خاف من روراوة .. ولا ما ضاق الحلاوة ؟ ولا الحصل شنو !! أعتقد انه تنقصنا الصراحة في معالجة امورنا وهو ما يقودنا في النهاية للحديث خلف الاسوار عن حقائق امام اعيننا ! ان الشفافية هي اساس الاصلاح .. ففي اوربا الان يتحدثون عن الفساد علانية وعن الرشوة والاختلاس وبيع المباريات والفارق بيننا وبينهم انهم يعاقبون من يفعل ذلك ! بينما نحن وللاسف الشديد نتحدث عن الفسادة خلف الابواب المغلقة ! نستمر من الناحية الكروية في شراء الحكام بعيدا عن الناحية الاخلاقية .. لنؤكد بان شراء الحكام في النهاية يقودك للصدام مع الحكام انفسهم .. عبر الاختلاف في المبالغ او الاختلاف في قدرة الحكم علي فعل كل ما تطلبه او مقارنة الحكم ما بين ما تقدمه له وما يقدمه له النادي المنافس ! واذا تعرض نادي للظلم من الحكام في ارضك فانه يرد عليك بظلم اخر ! والذي يستميل الحكم لا تكون له القدرة علي الدفاع عن نفسه .. كما انه يخاطر بسمعة ناديه واتحاده ووطنه ! لا ننكر ان هناك الكثير من الاندية نالت بطولات كثيرة عبر مساعدة من الحكام وظلم حقيقي لانديتنا السودانية وخصوصا الهلال .. ولكن هذا لا يبرر ابدا ان تنساق الاندية السودانية وراء هذا الظلم او تتخذ منه نبراسا للوصول للبطولات .. وعلينا ان نتذكر ان هذا الفعل حرام شرعا وان سرقة عرق الناس عبر استمالة الحكام ظلم بائن والظلم ظلمات ورب العباد لا يحب الظلم .. كما ان التاريخ يؤكد لنا باننا لسنا مبدعين في هذه الناحية ولا نملك ادواتها بالدرجة التي تجعلنا نفوز بالبطولة .. وهكذا نخرج بلا بطولة ولا ارضاء ضمير وفي نفس الوقت تضيع الكثير من الاموال ما بين ابو القاسم وحكم المباراة !! لنجد انفسنا امام سؤال نتهرب من اجابته .. لماذا يظلمنا الحكام في ارضنا في بعض الاحيان !! هذا موضوع شائك وصعب .. ولكنني احب مثل هذه المواضيع من ناحية ومن ناحية اخري احب ان اقول ان هناك حكام شرفاء لا يمكن ان يبيعوا ضميرهم .. والبطولة بنظام الذهاب والاياب ! ان البطل الحقيقي هو الذي يؤمن بحظوظه ويدافع عنها بشرف ..