٭ في محل صغير لبيع الفلافل الشامية المشهورة بضاحية الرياض.. جلس «أبو إياد» السوري يمازح زبائنه من السودانيين.. ومعظمهم يرون فيه مثالاً للكفاح والتعفف.. فرغم ضيق ذات اليد إلا أنه يسعى في رزق زوجته المريضة وأبنائه الخمسة بكل الرضى وبلا كلل.. غير آبه للساعات الطوال التي يقضيها في عمله المضني حتى يوفر لهم حياة كريمة وإنسانية. ٭ أبو إياد مثال لكثير من السوريين الذين فروا بأطفالهم من ويلات الحرب وجحيمها.. عاشوا لبعض الوقت في الدول المجاورة لسوريا ولكنهم وجدوا في السودان ملاذاً وملجأ لسهولة ويسر إجراءات دخولهم لأراضيه. ٭ الحكومة السودانية وجهت بمعاملة السوريين معاملة كريمة تليق بإنسانيتهم وبأخلاقنا.. واعتبرتهم «ضيوف».. وليسو لاجئين.. ومنحتهم حق الإقامة والعمل والتملك والتعليم. ٭ ولأن السوريين في السودان «ضيوف».. ولم يتم إعلانهم كلاجئين.. فإن منظمات الأممالمتحدة العاملة في المجال لم تقدم لهم أي مساعدات إنسانية تذكر.. ولكن بعض منظمات المجتمع المدني وبعض السوريين المقيمين في السودان منذ أمد طويل.. فتحوا أبوابهم وقلوبهم.. ولم يتوانوا في مد يد العون.. وتوفير حياة كريمة تليق بهؤلاء. ٭ مجهود ضخم بإمكانات متواضعة وتحديات جسيمة تواجه هذه المنظمات.. خاصة مع تزايد أعداد السوريين الوافدين إلى الخرطوم.. حيث جاء في خبر لصحيفة السوداني مطلع الأسبوع الماضي.. أن حوالي 300 سوري يصلون الخرطوم أسبوعياً على رحلات «أجنحة الشام».. التابعة للخطوط السورية.. بالإضافة لغيرها من الخطوط. ٭ تكمن هذه التحديات الجسيمة التي تواجه المنظمات.. في توفير سبل الحياة المختلفة لهؤلاء الضيوف.. من مأوى وصحة وتعليم خاصة وأن هذه العائلات لديها أطفال في المراحل الدراسية المختلفة.. وتوفير فرص التعليم لهؤلاء الأطفال.. أشبه بعصا موسى التي يتوكأون عليها ويهشون بها نوائب الزمان. ٭ منظمة «آفاق الخير».. من أكثر المنظمات التي تدعم هذه العائلات.. ولهم قصب السبق في دمج الكثير من هؤلاء الأطفال مع أقرانهم السودانيين في المدارس الحكومية.. وتوفير فرص التعليم المجاني لهم.. والكثير الكثير من الإسهامات المقدرة في إطار دمج السوريين في المجتمع السوداني.. باعتبارهم أشقاء كرماء جار عليهم الزمان. ٭ وبرأيي المتواضع فإن السوريين من أكثر الشعوب تعلماً وتفانياً في العمل في المنطقة العربية.. لذا فإن استيعاب طاقات الشباب والاستفادة من خبراتهم المختلفة في الصناعة والطب ومجالات تصنيع الأغذية.. يرفد «سوق العمل السوداني».. بخبرات جديدة تساهم في التنمية ودفع عجلة الاقتصاد.. وترفع عن كاهلهم كلاجئين.. عبء المعيشة وغلاء الأسعار.. ويوفر لهم حياة كريمة قد تنسيهم ويلات الحرب وجمر المعاناة والألم.