المفاوضات التي تجري حالياً بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين الحكومة والحركة الشعبية قطاع الشمال حول المنطقتين، جعلت رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثامبو أمبيكي محطة أنظار لكل السودانيين المتعاطين للشأن السياسي، والذين يعلقون عليه آمالاً كبيرة في التوصل لاتفاق بين الأطراف المتناحرة ينهي حالة الاحتراب التي استمرت عدة سنوات، عرف عن أمبيكي أنه رجل يمتاز بالصبر والحكمة وطول البال، أطلق صرخته الأولى بتاريخ 18 يونيو 1942م ينحدر من عائلة مشبعة بالمثقفين الشيوعيين، وعند بلوغه سن الرابعة عشرة انضم إلى حزب المؤتمر الوطني بجنوب أفريقيا بتأثير من والده «غوفان» أحد المناضلين البارزين ضد نظام الفصل العنصري. ٭ المنفى غادر أمبيكي جنوب أفريقيا عام 1962 في العشرين من عمره، حيث عاش (28) عاماً في المنفى، درس أمبيكي الاقتصاد بجامعة «سسكس»، قبل أن يغادر إلى موسكو، حيث درس ثلاثة أعوام في مدرسة الحزب الشيوعي. ٭ ممثل المؤتمر الوطني وقبل الانتصار على العنصرية استعان حزب المؤتمر الأفريقي ب «أمبيكي» كممثل له في عدد من الدول، ثم أصبح مسؤول الشؤون الدولية للحزب، بعد العودة من المنفى لعب دور وزير الخارجية كما شارك بفعالية في المفاوضات مع الحكومة البيضاء، تزوج أمبيكي عام 1974من سيدة أعمال وناشطة في مجال حقوق المرأة هي السيدة «زانيلي» ورزق منها بولدين، يعرف أمبيكي في صفاته بأنه شخص متكتم جداً في حياته الخاصة، كل الذي يعرف عنه أنه يفضل البدل التقليدية والقمصان زاهية الألوان ويدخن ويقرأ كتب الاقتصاد. ٭ متواضع يصفه بعض المقربين بأنه شخص متواضع وما يدلل على ذلك منزله الذي لا يرقى لمنزل رئيس دولة سابق وهو شخص يعتز بأفريقيته، ولديه قناعة بأن هذا القرن للأفارقة، ولا بد أن يُقدّموا فيه شيئاً مختلفاً، وهو من تنازل عن السلطة طوعاً حفاظاً على حزبه ودولته. ٭ خليفة نيلسون خلف أمبيكي في الزعامة نيلسون مانديلا ليصبح ثاني رئيس لجمهورية جنوب أفريقيا بعد سقوط نظام الفصل العنصري، أصبح طريق الرئاسة أقصر لأمبيكي بعد الرحيل المفاجيء للقائد «أوليفر تامبو»، كان أمبيكي شهيراً في أوساط السود خارج جنوب أفريقيا أكثر من شهرته بين السود الذين في داخلها، كان مناضلاً سياسياً ضد التمييز العنصري تقلّد أمبيكي منصب رئيس جنوب أفريقيا في عام 1999 خلفاً للرئيس نيلسون مانديلا، الأمر الذي أعطاه زخماً كبيراً دولياً وإقليمياً، وهيّأ له موطيء قدم واحترام الدول الأفريقية بسبب خلافته لزعيم ملهم للشعوب الأفريقية، ٭ اتهام بالفساد لكن الصراع داخل الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني الجنوب أفريقي»، واتهام أمبيكي بالفساد والمطالبات باستقالته، دفعته للاستقالة على الرغم من التجديد له في عام «2004» حفاظاً على تماسك الحزب الحاكم، على الرغم من أن البعض عدّ استقالته ضعفاً وعدم قدرة على المواجهة. واختير بعدها مباشرة، أي عام 2008، رئيساً للجنة الحكماء الأفارقة من قِبل الاتحاد الأفريقي، ومن ثم أصبح رئيساً للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى المسؤولة عن المساعدة في حل مشاكل السودان. ٭ أول الملفات السودانية كلف الاتحاد الأفريقي أمبيكي ليرأس الوفد الذي شكلته مفوضية الاتحاد لبحث الوضع في دارفور وتقديم توصيات حول أفضل المعالجات، ومنذ ذلك الوقت أصبح أمبيكي زائراً معتاداً للسودان. ٭ لاعب أساسي كلف أمبيكي لإدارة الأزمة بين السودان ودولة الجنوب وغيرها من الملفات التي تخص الشأن السوداني، مما اعتبره البعض أنه من أهم اللاعبين لحلحلة النزاعات في السوادان، وزادت زيارات أمبيكي إلى الخرطوم عن العشر زيارات، إذ ظل يزورها على فترات متقطعة خلال الأعوام الستة التي أعقبت قرار إسناد الوساطة إليه. ٭ الحوار الوطني ونشط أمبيكي أيضاً في ملف الحوار الوطني، ويرى مراقبون أن مشروع الحوار الوطني الذي طرحه البشير أخيراً، وجد من خلاله أمبيكي فرصة مؤاتية لتحقيق طموحاته بالسيطرة على ملف السودان بالكامل، ولا سيما أن هناك تقاطعات كانت تحد من حركته في ملفات سودانية، كملف دارفور الذي تُشرف عليه بشكل مباشر بعثة «اليوناميد» المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والتي كانت تتحفظّ على أي تدخل من أمبيكي. لكن البعض يرى أن أمبيكي استطاع أن ينفذ من خلال دعوة الحوار لإيجاد مساندة من الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، لمعالجة القضية في إطار مفهوم المعالجة الشاملة للأزمة في السودان بدلاً من تجزئة القضايا، وهو ما ظلّت ترفضه تلك الأطراف طيلة السنوات الماضية. ٭ تكريمه من جامعة أفريقيا منحت جامعة أفريقيا العالمية ثامبو أمبيكي باعتباره مناضلاً أصيلاً ورمزاً نضالياً أفريقياً درجة الدكتوراة الفخرية، كما أهدته كوكبة من مؤلفات المفكر والدبلوماسي السوداني جمال محمد أحمد والسفير عبد الهادي صديق، وهي مؤلفات تعكس الرؤية السودانية الأفريقية. ٭ شكوك في قدرته يعتبره بعض السودانيين وسيطاً غير نزيه ودائماً ما توجه له التهم في بعض المفاوضات بانحيازه لطرف ما من أطراف التفاوض سواء كان لصالح المعارضة أو الحكومة، لتتزايد الشكوك في مدى جدية أمبيكي لحل قضايا السودان الداخلية والمشاكل مع جارته جنوب السودان وأصبح بطء تحرك أمبيكي حديث الوسط السوداني، وممارسة ضغوط على الأطراف لإنهاء الحرب الدائرة في إقليم دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان، وترى أن الرجل طيلة اللقاءات التي يعقدها معها، لا يأتي بجديد ويدور في حلقة مفرغة وتنظر إلى تحرك أمبيكي بنوع من الشك والريبة. فيما يرى البعض أن السبب الأساسي في فشل أمبيكي بحل ملفات السودان، هو عدم وجود سلطة حقيقية في يد الرجل لتحفيز أو معاقبة أي طرف يعرقل مسار ما اتُفق عليه.