على الرغم من أن الإنسان يعرف جيداً أن الله قد خلقه ليعبده وأنه جل جلاله لم يترك طريقة العبادة مفتوحة.. بل أرسل الرسل لهداية الناس ليعلموهم أمور دينهم ومن ثم دنياهم.. خاصة في أوقات الابتلاءات والامتحانات. فالإنسان يعلم جيداً أنه سيقابل في حياته نقصاً في الأنفس والثمرات والخوف والجوع.. وهذا النقص مصحوب بروشته أو بوصفة روحية سريعة تحمل في باطنها البشارة وهي باختصار «إنّا للّه وإنّا إليه راجعون».. ولكم أن تتصوروا مقدار البشارة التي يعد بها الخالق مخلوقه.. فإذا كنا نفرح ونستبشر بوعد البشر ونحن نعلم أنه يمكن ألا يفي به رغم قلته.. فكيف لا نفرح ونستبشر بوعد الله سبحانه.. أما الشكر على النعم فهذه مدرسة متفردة وخطيرة.. لأن الإنسان إذا مسه الخير منوعا وإذا مسه الشر جزوعا.. فهو في حالة الشر يحاول أن يتقرب لله تعالى وبمجرد أن يصيبه الخير ينسى حتى كلمة الحمد لله أو الشكر لله.. وكأنه وصل لذلك الخير بعرق جبينه.. كما أنه يحاول أن يحمل الآخرين نتيجة فشله أو مشكلته وينسى أن ما حدث له بما كسبت يداه وأن الآخرين ليس لهم دخل فيما حدث له.. أو أن يتجه الإنسان اتجاهاً آخر ويعتقد جازماً أن فلاناً قد ذهب لشيخ و«عمل له عمل» ليدمره هو وأسرته وأن حياته وحياة أسرته قد أصابها من الأذى والتدهور والمشاكل والأمراض والتراجع في كل شيء بسبب السحر الممارس ضدهم.. ونسوا أن الله تعالى أكد أن الإنسان لن يصيبه شيء إلا قد كتبه الله له.. فقط عليه أن يمسك درب الله تعالى ويكثر من الاستغفار ويتقرب لله تعالى ولا ينشغل بالدنيا كثيراً ويعتبرها دار الممر للآخرة التي هي دار المقر.. وما بين الممر والمقر يكمن الامتحان الحقيقي.. وإذا لاحظتم الآن الاهتمام المبالغ فيه من الأمهات بالامتحانات والقلق والتوتر الذي ينتاب الأسر وحاولنا الشعور بالقلق نفسه.. نحو امتحانات الخالق التي تعتبر السلم للصعود لأعلى درجات الجنان لأدركناها.. ولكن انشغالنا بالأمور الدنيوية يحرمنا من التفكير في جمال الآخرة أو حتى الخوف منها. وعلينا سادتي أن نتوب ونرجع لله تعالى وهو يقبل التوبة من عباده.. ولا نتأخر في ذلك خاصة وزن الإنسان لا يضمن عمره.. ولنكثر من الاستغفار ففوائده كثيرة وتنفع للدنيا والآخرة.. ومن صيغه «أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم غفار الذنوب وأتوب إليه». وجمعة مباركة