والله بختك يا تراجي.. والله بدي الجنة.. وهاهي ليلة القدر تشرق وتضيء بين يديك في غير زمانها وفي غير مكانها.. وها أنت محط أنظار الأمة.. ومحور آمال الشعب ومعقل أفكاره.. حجبت ظلال شمس كل أضواء وأفراح وحفلات أعياد الميلاد، وابتلعت بؤرة نورك كل مصابيح وأعلام ورايات الاستقلال وننظر فلا نرى بدراً فأنت الليلة البدر.. تتلقفك أيدي وسواعد «الأخوان» وتفتح لك وتشرع أمامك كل الأبواب الموصدة.. فقد كان هؤلاء «الأخوان» أرواحهم وقلوبهم ومراهناتهم معلقة في قاعة الصداقة مشدودة إلى 7+7 وعيونهم لا ترمش، وهم يحصون حتى حركات وتحركات وخطوات وتصريحات الأحبة عبده جابر، وفضل السيد شعيب، و«عجبني وسر بالي» ياتراجي وأنت تحجبين تماماً كمال عمر، وتقذفين به في الظل حتى كدنا ننساه وننسى معه حتى المؤتمر الشعبي.. تفعلين كل ذلك كامرأة معجزة كيف لا والأحبة في الإنقاذ، يفرشون لك الحرير، وينثرون في طرقاتك العبير.. والطائرات رهن بنانك، والهيلكبترات طوع أقدامك، ويا حبيبنا الدكتور إيلا.. نوصيك و «الوصية بالمهلة» أغتنم هذه الفرصة الماسية.. واهتبل هذه السانحة التاريخية.. ودع السيارات وعلى سقفها مكبرات الصوت تجوب «ود مدني» شارعاً شارعاً.. زقاقاً .. زقاقاً.. تعلن للمواطنين أن «تراجي مصطفى» وضمن مهرجانات السياحة سوف تخاطب المواطنين في استاد ودمدني، ودع تذكرة الدخول تكون رمزية وبعشرة جنيهات فقط، عندها أؤكد لك أن «الأبواب» و«الشبابيك» سوف تحصد الملايين.. عجيب وغريب ومريب أمركم أيها الأخوان.. تفرشون الرمل وتحفون الطرقات بالأزاهر والزنابق والأزاهير.. تطلقون المسك ويضوع في الطرقات والقاعات عطر الصندل، احتفاء ب «تراجي مصطفى» رغم إنها كالسيف وحدها.. لا يصطف خلفها جمهور ولا ترأس حزباً ولا تقود مفرزة إذ كيف يكون الحال إن كانت قائدة لجحافل من المقاتلين. و«ده كلو كوم» ووصولها عبر صالة كبار الزوار «كوم براهو» وتأتي تراجي عبر صالة كبار الزوار.. لا انتظار «لسير عفش» ولا «مكابسة» لختم جواز ولا «دفسة» وسط مواطنين ونتذكر عودة الإمبراطور وردي بعد انقطاع عن الوطن.. وصالة كبار الزوار كانت كل ساحات المطار، ومقاعد صالة كبار الزوار كانت كل القلوب، قلوب أبناء وبنات الوطن، وهم يتدافعون بالمناكب ويرابطون منذ منتصف النهار وحتى هبوط الطائرة مساء، ثم انتصاب «وردي شامخاًّ» كالطود وغناء عصافاً تعدو به الريح.. ويا لروعة ذاك اليوم البهيج والمؤرخ في مطار الخرطوم. وختاماً .. رجاء ومناشدة للأحبة في المؤتمر الوطني.. والأحباب في الإنقاذ.. أقول.. إني لم أشاهد صالة كبار الزوار حتى من الخارج دعك من الجلوس أو التجول بداخلها.. و«قطع شك» لن أشاهدها مطلقاً وبتاتاً، وإذا ضاقت بي الإنقاذ وقررت نفي إلى خارج البلاد سوف يكون ذلك عبر صالة المغادرة المعهودة.. وإذا كان لابد وإذا جاءت تلك اللحظة الفاصلة أرجو أن يتم نفي إلى فيتنام، فأنا أتمنى أن أعيش باقي أيامي في «هانوي» حتى أرى تمثال «جين فوندا» وحتى أضع باقة زهور على قبر الجنرال «جياب» وحتى أضع اكليلاً من الورد على ضريح «هوشي منه».