الشاهد على الأحداث السياسية اليوم يلاحظ تدفق المعلومات والأخبار وفضح الأسرار عبر العديد من المواقع الالكترونية ومتصدر الأحداث الآن موقع ويكليكس الذي تم عبر متصفحه ولادة عالم جديد يُعاد فيه تعريف التاريخ العالمي السياسي وفتح آفاق واسعة للصحافة الالكترونية أو ما يعرف بالصحافة الاستقصائية والتي باتت تشكل جزءً مهماً من المعلومات المتدفقة وأصبحت ترسم المشهد السياسي وهي التي تبحث وتنقب وتنشر كل الوثائق والمعلومات لما يدور في عالم السياسة من صفقات واتفاقيات مهما كانت سريتها ويعاد نشرها لتكون تحت الضوء وتحت رحمة تسونامي ويكليكس وأجهزة الإعلام الأخرى.. مجموعة جديدة من الوثائق يبدو أنها في طريقها للنشر عبر موقع ويكليكس الذي سبق وأن نشر وثائق أمريكية عسكرية فضحت الممارسات والاختراقات غير القانونية للقوات الأمريكية في كل من العراق وباكستان وأفغانستان وأماكن الحجز والاعتقالات السرية بأوروبا والعمليات ضد الإرهاب والدول التي تعاونت مع الاستخبارات الأمريكية وقدمت لها التسهيلات.. الآن معلومات جديدة أفصح الموقع عن قرب نشرها غير أنها هذه المرة أخطر لأنها تحتوي على وثائق دبلوماسية بين وزارة الخارجية الأمريكية وبعض الدول الأوروبية متعلقة بصفقات فساد ضد سياسيين في روسيا وأفغانستان ودول أخرى في آسيا الوسطى. رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة مايك مولن دعا الموقع إلى الكف عن نشر وثائق عسكرية وقال إنها خطر على الجنود الأمريكان ويبدو أن أمريكا هذه المرة مذعورة جداً من ردود الأفعال تجاه كشف الأسرار الدبلوماسية.. لقد وقعت أمريكا أخيراً في شر أعمالها وفضحتها الديمقراطية التي ترفعها شعاراً وتتخذها نظاماً وها هي ذات الآلة تواجهها في أدق أسرارها عبر موقع الكتروني صاحبه استرالي الجنسية يتمتع بكافة الحقوق والحرية لنشر المعلومات المتسربة إليه من داخل الحكومة الأمريكية والتي نجحت في نزع ورقة التوت عن الخروقات الأمريكية للقوانين الدولية في كل حروبها في الشرق الأوسط بحجة الإرهاب وهي أدلة دامغة وموثقة لا سبيل لإنكارها فلطالما وجدت أمريكا التبريرات والحجج لعكس كل الاتهامات لها بما يدور في الحرب في العراق وأفغانستان، وما يزعج أمريكا ويظهر وجهها المذعور هو أن المعلومات هذه المرة دبلوماسية وتمس حلفاءها في الغرب والشرق الأوسط وتكشف تسترها على إسرائيل ودعمها لها مما يجعل مراكز الدول التابعة لها مكشوفة أمام الرأي العام وفقاً للمستندات والوثائق التي تثبت التعامل السري القائم بينهم. وبحسب الجدل السياسي والإعلامي والقانوني القائم الآن حول عملية نشر هذه الوثائق فإن الولاياتالمتحدة لا تستطيع إيقاف هذا التسونامي المتدفق بحكم المصدر السري الذي يزود الموقع بالمعلومات وبحكم جنسية صاحب الموقع الاسترالية رغم أنها حركت ضده بعض القضايا الجنائية لشل حركته وسجنه لكن تمت تبرئته مؤخراً ليفصح عن كشفه لمزيد من الوثائق ويدعو الجميع لدعمه ويتعاون مع بعض الصحف العالمية ووسائل الإعلام للكشف عن حقيقة الدولة التي تقود العالم اليوم باسم الديمقراطية والحرية والعدالة!! التقارير التي نشرت أكدت حدوث أكثر من «6.000» حالة قتل لمدنيين جراء إطلاق نار عشوائي وغيرها من حالات تهديم للمنازل وقصف القرى الأفغانية وموت الآلاف من المدنيين تحت حجة نيران صديقة.. وكلها تكشف حجم الاستخفاف بالإنسانية والبشر من قبل الإدارة الأمريكية وهي تشن الحروب على الشرق الأوسط وتعادي العرب بحجة محاربة الإرهاب وتؤيد إسرائيل في عملية الاستيطان وتظهر الوجه الآخر للفلسطينيين بطمأنتهم بنيل حقوقهم. وعند الحديث عن الديمقراطية لا يمكن غض النظر عن كل هذه الممارسات الأمريكية التي تم كشفها كذلك عدد القتلى المدنيين وهذه الأحداث سوف تصبح المؤشر نحو التغيير السياسي في المدى القريب حتى تتمكن الحكومات من اتخاذ تدابير جديدة في العلاقات الدبلوماسية وسريتها في ضوء هذه التسريبات. العالم اليوم ما عاد ذلك العالم السري المغلق بأسراره فعبر وسائل التقنية الحديثة والشبكة العنكبوتية أصبحت المعلومات متاحة للجميع خاصة في التغذية والتغذية الراجعة والبث والنشر والمصداقية والحقيقة هما شعار النفير الإعلامي وما عادت السياسات تمرر من تحت الطاولات أو الغرف المغلقة فثمة من يصور ويسجل ويرسل ويفصح عن المسكوت عنه بلمسة زر. أمريكا بعد إعلان الموقع للكشف عن المزيد من الوثائق حذرت حلفاءها في كندا وبريطانيا وبعض دول آسيا الشرقية من خطورة المعلومات التي سوف تبث كذلك أبدت إسرائيل قلقاً تجاه المعلومات ذاتها لما فيها من أسرار تدينها وعلاقاتها بالإدارة الأمريكية رغم أن بعض القضايا كانت واضحة لكل مراقب ومحلل سياسي لكن الآن لها أدلة ورقية ثابتة ومختومة وموثقة عبر مكاتبات ومراسلات دبلوماسية بها صفقات سياسية ورائحة أموال وفساد أخلاقي سياسي لعبت فيه الولاياتالمتحدة دوراً كبيراً في التأثير على بعض قادة المنطقة لتمرير مخططاتها تجاه كل من تراه يقف ضدها ابتداء من العراق وأفغانستان ولبنان والسودان. لكن الآن هذه التقنية باسم حرية الصحافة والنشر بات تسونامي موقع ويكليكس خطراً حقيقياً على الإدارة الأمريكية وها هي رياحه تضرب بقوة وتزيل كل آثار الوجه والقناع الجميل للقوة الأولى في العالم ليظهر للعيان مذعوراً باهتاً..