أن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي، كما يقولون وهي تنطبق تماماً على الحلقة أو الحلقات التي قدمها وسيقدمها أحمد البلال الطيّب عن البيئة عبر برنامجه الشيق وهو يستضيف السيد حسن عبد القادر هلال وزير البيئة الذي جاءت إطلالته هلالاً نتمنى أن يكتمل بدراً دون أن تعترضه الظواهر الطبيعية أو الصناعية كغياب القمر الصناعي، وذلك حتى تكتمل الصورة لدى المواطن السوداني عن البيئة ومعضلاتها ومشاكلها وما ينبغي أن يكون عليه حالنا البيئي، وكما نشيد بهذه الحلقات نتمنى أن يجلس السيد وزير المالية مجلس السيد وزير البيئة ليقول لنا مفردات ميزانية هذه الوزارة التي ظهر أنها من أخطر الوزارات، والسلعة التي تقدمها هي البيئة المعافاة. لن نستبق الحوادث ولكن المشاهد والوقائع التي نعايشها في هذا الوطن الحبيب تدل بوضوح على أننا جميعاً لا نهتم بالبيئة بدءاً بالمواطن البسيط حتى قمة أجهزتنا التنفيذية، وربما «وأتمنى أن أكون مخطئاً»، التشريعية التي يجد فيها وزير البيئة نفسه مجابهاً بمعارك مضنية للتعريف بالبيئة أولاً ثم المخاطر التي تتهددها في زمان ينبغي أن يكون النائب البرلماني ليس عالماً في البيئة، بل ملماً ببعض الجوانب التي تهم ناخبيه ويغتم منها إذا افتقدتها دائرته الانتخابية التي لا يزورها بعضهم إلا في الأعياد أو الاستعداد لانتخابات جديدة، والشاهد في هذا الأمر أن البعض منا يجهل البيئة وأخطارها ومهدداتها، فليس بمستغرب أن يتسول وزير البيئة طالباً مد يد العون وليس الميزانية الكاملة، لتصحيح المفاهيم عن البيئة!! لقد تزايدت مصادر التلوث البيئي في السودان بمعدل ليس بالمخيف قياساً ببلدان أخرى وقياساً بالمساحات التي تحتلها المصانع والغابات بما يحقق نوعاً من المعادلة أو المقاربة بين المهددات والمضادات في ظل عجزنا عن توفير وسائل التنقية التي تستخدم في هذا المجال، ويبدو أن الدولة في خضم انشغالها بالأعمال الأخرى لم تنتبه أو تعير أو أنها هونت من أمر المخاطر التي تتهدد أو تتعرض لها البيئة، لذا فلم تُعط الوزارة الأسبقية اللازمة وتذيلت هي وشقيقتها وزارة الخدمة والإصلاح الإداري بعد قيام الحكم اللا مركزي، قائمة الوزارات وتفرقت اختصاصاتها بين الوزارات المستحدثة في الولايات، ولم تحظ في بعض الولايات حتى بإدارة منفصلة. إن وزارة الاستثمار أو مفوضية الاستثمار أياً كان مسماها، ينبغي أن تكون البيئة والمحافظة عليها أو تنقيتها هي أول شروط التصديقات التي تتكرم بها على المستثمرين خاصة المصانع التي تسبب مخلفاتها أضراراً جسيمة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان معاً، ولن أعددها فالكل يعرفها ويعلمها وقد يكون العقل السيبكاوي «من سيبك»، قد لعب دوراً كبيراً في التصديق ببعض المصانع التي بدلاً من نعمتها أنعمت على جوارها الآمن بنغمتها. في فترة سابقة عزمت وزارة الاستثمار على سحب تراخيص أو تصديقات بقطع أراضٍ لإنشاء مصانع لم تنفذ وبعضها شيدت بمواصفات مخالفة وليتها نُزِعت، فقد تحولت إلى أغراض أخرى أضرت بالبيئة. إن خبراءنا فى مجال الاستثمار الصناعي بعضهم يفتقد إلى الحس بالخطورة على البيئة عندما يصادقون أو يتصدقون بالمصانع دون اشتراطات مُقيدة حازمة ومفعلة، وأحياناً بلا عقوبات أو متابعات وإلا فكيف أو فماذا نقول في مدن تغطيها الأبخرة والغازات ويستنشقها المواطن المغلوب على أمره وهو قد حسب آنهم يحسنون صنعاً. لقد أصبحت قضية التلوث البيئي من الحساسية بمكان في السودان بدءاً من أكوام وتلال الأوساخ المتراكمة في مداخل ومخارج المدن، وانتهاء بقاذورات المصانع، والخطر الأكبر تلوث مياه الشرب. إن العاصمة دون غيرها من المدن تعاني من تلوث بيئي منشأه الكثير من التجاوزات أو أحياناً انعدام البنيات التحتية المساعدة في قيام بيئة صحية جيدة، الصرف الصحي وبدائيته وعدم مواكبته للتوسع الرأسي والأفقي الذي تشهده العاصمة يومياً، عدم كفاية وكفاءة الأسطول الناقل، وتكمن المعضلة الكبرى في عدم توفر المكبات حسب المواصفات، وعدم التخلص من النفايات بالأسلوب الذي يحافظ على بيئة معافاة ونظيفة. إن غياب اللجان المجتمعية «الحكومات المصغرة» وعدم قيامها بواجباتها، يجعل المواطن يتخلص من النفايات بالأسلوب الذي يراه ولا يروق للآخرين وهو أمر خاطئ وخطير، ثم يأتي الدور الكبير للدولة عبر مناهجها التربوية التعليمية والتثقيفية في المدارس والمعاهد والمجتمع. من المتابعات الخارجية لأخبار البيئة واهتمام الدول بها، دولة كالصين تنوي اتخاذ إجراءات تجاه تلوث البيئة وذلك بإقفال أو احتمال ما يزيد عن 2500 مصنع ومقاهي ومطاعم تقدم خدماتها للجمهور، ولكنها تتسبب في تلوث البيئة، ولنا أن نقدر حجم المقاهي والمطاعم التي تقدم خدماتها للجمهور في مراكز المدن والعواصم والتلوث الذي تسببه، وفي الوقت ذاته نحمد الله الذي وهبنا متسعاً من الأرض وعليها منقيات طبيعية تجعل بيئتنا قابلة للتكيف مع النظافة ومع صحة الإنسان والحيوان معاً، فقط على الدولة أن ترفع درجة الاستعداد لأقصى مراتبه، وأن يتفاعل إعلام الوزارة مع إعلام الدولة العام والخاص للتنوير المعرفي بمخاطر تلوث البيئة لكل فئات الشعب في القرى والبوادي والحضر. فريق ركن