(شر البلية ما يضحك).. وكذلك ما يحير.. سنأتي لما أضحك في لحظة قاتمة تتشبث ببارقة أمل في حماية من شرور الواتساب.. إن ما يحير أولى بالإشارة فإني احترت كيف ابدأ وبأي عنوان؟ (جحيم التكنولوجيا وفردوسها) أم (الانترنت ظالماً ومظلوماً) أم (فيسبوك وأخوانه.. اللهم فاشهد)؟..الى أن صادفت برنامجاً في التثقيف الصحي حول مخاطر الجوال، فقلت لنفسي اللهم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وأسرعت لأبلغ غيري بما يرقى لدرجة إنقاذ الحياة من غزو التكنولوجيا لغرف النوم ..لسنا وحدنا فالأمر يحير البرية كلها.. ولكن. هم يحتارون فيحتاطون ويتسلحون بالمعرفة.. خاصة المعرفة بمضار ما صنع لراحة البشرية.. إن الدنيا تتغير بين أيدينا كل صباح بفعل التكنولوجيا، فعلينا أن نعي ذلك تماماً مراعين لحاجتنا لخيرها ومنتبهين لما حذرت به الدراسات المستبصرة لمخاطرها.. عن مخاطر التكنولوجيا كشفت دراسة عن ما يسمى (الإرهاب الالكتروني) وحذرت منه (الإرهاب بالأمس كان ببندقية أما اليوم فبالموبايل) ونوهت لمغبة استخدام تقنيات الانترنت لإغراض التآمر وهتك الأعراض واختراق مواقع الآخرين، ثم عرضت حالات اختراق إلكترونية لمؤسسات كبرى في العالم، وذكرتنا بأن هذه الهجمات التخريبية تزيد بمعدل 60 بالمائة سنوياً . علينا أن نتذكر، فلا نغفل.. أن الاعتماد على الوسائل التقنية يتعاظم كل يوم، وفي مختلف أنحاء العالم برغم شرورها، حتى ليكاد الناس يتركون لها الحبل على الغارب – يائسين، يمنحونها (توقيع على بياض) لتفعل بالبرية ما تشاء.. ونوهت دراسة إلى أن الذين اكتشفوا هذه التقنية الحديثة لدواعي خدمة السلام العالمي، هم ذاتهم الذين كانوا روجوا لاستخدام القنبلة الذرية!.. والمهم، كما يقول الحادبون: في أي أيد هي؟ الغافل أم الواعي؟. من الغفلة أن نتجاهل مخاطر الاستخدام الدعائي لتوكنولجيا الاتصال.. لقد أورث الاستخدام الغوغائي الانصرافي الرخيص مجتمعات (ممسوخة الهوية)، تحت تأثير الإشعاع الترويجي للأغراض الهشة والنوايا السيئة المدسوسة تجاه آخرين مغضوب عليهم، لم يستحقوا فرصة للتسامح توفرها التكنولوجيا أيضاً.. هذا المسخ للهوية والتهديد لانهيار القيم بالكامل من بعد ذلك – لا قدر الله -بعضها استوجب الربط بين (أخلاقيات الغاية) و(أخلاقيات الوسيلة).. إن كل ما وقع تحت بصري من دراسات حول استخدامات التكنولوجيا يذكرنا بأهمية عنصر الأخلاق والقيم وإلا.. فانتظر الطوفان. وفي مجتمعنا اليوم لا يخلو مجلس ولا منبر من سيرة هذا الطوفان.. القاسم المشترك هو المخاطر المؤكدة، فبعضها أصبح ظاهراً بالعين المجردة وفي سلوك الناس وفي تصرف الجهات المعنية بالمعالجة سواء بالقانون أو بالأخلاق.. والأفضل طبعاً بالاثنين معاً إن دس الرؤوس في الرمال غير وارد، والبعض يفسره من قبيل ما يضحك.. كشر البلية .. فلقد شهدت ندوة ساخنة بحضور خبراء من داخل وخارج البلاد، حول كيفية كبح مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي في ضوء حالات عديدة مستفزة متداولة.. إشتد الجدل حول الاعتماد على القانون في مواجهة المتفلتين فانفجر أحد هؤلاء الخبراء ضاحكاً يقول (تخيلت أن شخصاً من أمريكا دخل القاعة ليجدنا نتحدث عن ملاحقة المتفلتين على الشبكة بالقانون.. لا شك أنه سيسخر مما نقول)!. السخرية ليست وحدها بانتظارنا.. تابعت حواراً باذاعة جامعة الخرطوم مع مختصة بالتوعية الصحية تحذر باعلى صوتها من المضار الصحية للاستخدام السيىء للهاتف الجوال الذي يشحن جيوبنا وصدورنا بالذبذبات (الكهروماغنطيسية) سريعة التأثير على الدورة الدموية وعلى الجسم بالكامل، والنتيجة هي الافراط والإدمان، وضعف التركيز، والإضرار بالمواليد وتقوس الظهر بسبب طول الجلوس، وتتكدس حولنا الأجهزة الالكترونية.. وينتهي البرنامج الى الدعوة لتغيير السلوك السائد تجاه التعامل مع الموبايل.. دعوة حادبة على طريقة (اللهم فاشهد).. الواتساب واخوانه، الذبذبات الكهروماغنطيسية، وكل الإعلام الآن على الموبايل.. والنصائح قيلت، الوعي والواعز.. على كل حال، موبايلك وانت حر. وللخواطر بقية: .. تكثر الشكوى من سلبيات الإعلام.. في الأفق حالة إيجابية مسيطرة هي تكريم صحفية بالخارج.. كأنها إشارة الى أن العلاج بإبراز الايجابيات أجدى من الشكوى من السلبيات. .. ليت ما قالوه بلغة.. كنت الاسبوع الماضي في ود مدني، ولاقيت بعض عارفي فضله وتميزه الإعلامي كمؤسس لإول إذاعة اقليمية.. كأنهم ينعونه فاستعرضوا مواقفه والدروس التي تعلموها منه (الابتكار، المهنية، الجدية، حب العمل).. لاقيته وبيده تصور هندسي لاذاعة جديدة، فهو مشارك في تأسيس العديد من الإذاعات دون أن يقول أو يقولون..إنه (صلاح طه) عليه رحمة الله، في صمت بليغ عاش ورحل.. ذكراه طوق نجاة في خضم (المهنية والكفاءة). حسن عبدالوهاب، نجم التلفزيون المحتشد ابداعاً ومروءة على مر الزمن، استأذنه نفر كريم من عارفي فضله ليكرموه فتبسم معتذراً بأن هناك من هو أولى منه.. أليس هذا سبباً لتكريمه؟!.