كيف سندخل حرباً هذي المرة.. ما دامت أمتنا الحرة تنجب عشرة أبطالاً .. كي تقتل منهم عشرة. يقولون إن الإنسان يقضي سنواته الأولى في تعلم (النطق)، بينما تجعله بعض الأنظمة الشمولية العربية يمضي بقية حياته في تعلم فضيلة الصمت، وفضيلة الصمت أحياناً أيها السادة أبلغ من رذيلة التعبير، التي قد يكون ثمنها في أغلب الأحيان رصاصة الرحمة أو مسماراً في نعش الحرية والكرامة، وأحلام عجاف يبطنها الخوف لما هو آتٍ. السوريون ما زالوا يمضغون طعم الصبر.. الملح بالعجز.. والذين لم يدركهم الموت وسط الأنقاض ما زال البحر وقوارب الموت وتجار البشر لهم بالمرصاد. أما الذين ما زال بقلوبهم بقية من عروبة وعطف وعلى قلتهم، لم يخيبوا ظن أهل سوريا، ونجحوا إلى حد ما في إعطاء السوريين بصيص أمل، واستضافوهم وفتحوا لهم قلوبهم وأبواباً للرزق، أن يجتمع العرب على قلب رجل واحد أمر قد يبدو بعيد المنال، إلا أن هذه المأساة التي طالت السوريين لم تكن كأي المآسي الأخرى عادية، هي مأساة استثنائية، قريبة فقط بالشجب والإدانة والاستنكار، ولم تكن أجواؤها تشبه أجواء الربيع العربي.. ربيع الشعوب التي ملت الخوف، فهتفت حناجر المغلوبين على أمرهم، مطالبين برحيل الأنظمة محل الجدل البيزنطي أعلاه.. فهل ينجح بالسوريين من أزمتهم التي طال أمدها، وهذا الخروج يشبه كثيراً الخروج من عنق الزجاجة، مع تخوف الكثيرين من مماطلة نظام بشار في تنفيذ كل الوعود التي قطعها مع هذه الدول والتحالفات والتي تجتهد في إيجاد مخرج يرضي جميع أطراف الصراع في سوريا وتجنيب الشعب الأعزل الذي انهكته الصراعات والمآسي واحتضار الأمنيات، مغبة هذه الحرب وتحقيق حلمه الذي يبدو بعيد المنال برحيل الأسد، وهذا الرحيل يبدو أمراً باهظ الثمن، وعلى رأي شهيد الإسلام سيد قطب إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع حتى إذا متنا في سبيلها، وبثت فيها الروح وكتبت لها الحياة، وجميعنا يعلم أن ما يسمى بالربيع العربي قد بدا بكلمة (ارحل)، فهل يرحل بشار الأسد ولا يكبدنا هذا العناء وهؤلاء الشهداء؟.. أما آن لبشار أن يلملم ثوب عهده الذي يكشف عن الكثير من العورات والأطماع الشخصية وحب الأنا.. مجرد تساؤلات ليست للإجابة.