أجرى الرئيس البشير اتصالاًهاتفياً مع زعيمي الأطراف المتنازعة في دولة الجنوب، الرئيس سلفاكير ونائبه الأول رياك مشار، وطالبهم بترجيح مصالح شعب الجنوب، وفي المقابل سيغادر وزير الخارجية إبراهيم غندور البلاد للمشاركة في جلسة الايقاد الخاصة بمناقشة الأحداث في دولة الجنوب، فهل تفلح مساعي الخرطوم في تهدئة الأوضاع في جوبا أم أن السودان وسيط غير مرغوب فيه، لاسيما من الطرف الحكومي على خلفية اتهاماته السابق له باعتباره منحازاً للمعارضة الجنوبية ؟ وتشكيك بعض العناصر في الحركة الشعبية في نوايا الحكومة السودانية، واعتبارها طرفاً في الصراع الدائر الآن في الجنوب، لكن للحكومة السودانية أكثر من مصلحة في أن تعلب مثل هذا الدور، من بينها قطع الطريق أمام الحركات المسلحة التي ربما تجد في الصراع الجنوبي أرضاً خصبة، وتنشط بالمقابل في لملمة أطرافها وتقوية قواتها، ثم إن المصلحة الاقتصادية والسياسية ومكافحة تدقف النزوح الجنوبي داخل الأراضي السودانية يحتم على الحكومة ان تستعجل الوساطة والوصول إلى حلول توقف الفوضى في دولة الجنوب . تقرير:علي الدالي * مواقف سابقة ربما جاءت تحركات الحكومة السودانية الأخيرة وحثها للأطراف الجنوبية على تحكيم صوت العقل وتهدئة الأوضاع لإحساس الحكومة بخطورة تطور الأوضاع وانفجارها في الجنوب، وانعكاسات الحرب السالبة على الحدود الجنوبية، ذات الأمر الذي قال به القيادي بالمؤتمر الوطني النائب البرلماني محمد الحسن الأمين في حديثه ل(آخرلحظة) إن الخرطوم تعتبر الدولة الأم لدولة الجنوب وهي الأكثر معرفة والماماً بخبايا وتفاصيل التكوينات الإثنية والقبلية ومزاج القيادات السياسية في الدولة الوليدة، وأضاف أن استقرار دولة الجنوب فيه مصلحة للسودان بحكم الجوار، لكن الأمين بعد سرده لحيثيات تأهيل السودان لأن يلعب دور الوسيط الناجح توقع أن تتعرض الوساطة لبعض الصعوبات، من بينها ملف دعم عناصر من الحركة الشعبية للمعارضة المسلحة السودانية، في وقت يقف فيه السودان موقفاً محايداً بين أطراف الصراع الجنوبي، بيد أن الموقف داخل الحكومة الجنوبية على غير ما ذهب إليه الأمين في حديثه، حيث ترى بعض الدوائر داخل حكومة الجنوب أن الخرطوم تدعم المعارضة الجنوبية بقيادة رياك مشار أعمالاً لبند المعاملة بالمثل، لكن الأمين يرى أن حكومته غيرمنحازة لأي طرف، وأضاف أن طرفاً في النزاع يدعم المعارضة السودانية المسلحة، في وقت يرفض الطرف الآخر تواجدها داخل الأراضي الجنوبية، وقال إن موقف الحكومة السودانية في فترة النزاع المسلح الأول في الجنوب كان مجرد شعور بالارتياح، وليس انحيازاً لموقف رياك مشار الداعي لطرد المعارضة السودانية من الأراضي الجنوبية . * الدولة المؤهلة وبالرجوع إلى امكانية أن يلعب السودان دوراً ايجابياً في حل النزاع الدائر الآن في جوبا، يرى مراقبون أن مصلحة السودان في وقف الفوضى الحالية داخل دولة الجنوب أكبر من أي دولة أخرى مجاورة أو المجتمع الدولي نفسه، وفي ذلك يرى القيادي السابق بالحركة الشعبية والخبير في شؤون دولة الجنوب محمد المعتصم حاكم أن الذي يحدث الآن في دولة الجنوب هو بداية لمسألة مأساوية، وتكملة لحلقة نزاعات بدأت فصولها قبل ثلاث سنين، واتهم حاكم جهات خارجية قال إنها تقف وراء الصراع داخل دولة الجنوب، وتسعى لعدم استقرار الدولة الوليدة حتى ينعكس ذلك سلباً على دولة السودان، وبالتالي فإن المسألة حسب حاكم لم تنته بالجهود والمساعي الحالية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي بوقف الحرب الطاحنة في الجنوب، وقال حاكم ل(آخر لحظة) إن أكثر دولة مؤهلة من بين دول العالم لتسوية النزاع في الجنوب هي السودان، وتوقع فشل المجتمع الدولي في حل النزاع الأخير الذي بدأ بأحداث واو، وعمت الفوضى في جوبا، وبرر لحديثه عن أن السودان هو الدولة الأكثر تاهيلاً لأن تعلب دور فض النزاع الحالي لاعتبار التاريخ المشترك ورابط الأخوة والمعرفة والجوار، وأضاف: (إن أهل مكة أدرى بشعابها) قائلاً (المجتمع الدولي لن يصمد طويلاً تجاه هذه الأزمة، وأتوقع ان تكون الخطوة القادمة بصدور قرار أممي يقضي بتدخل عسكري عبر قوات دولية بدعوى حماية المدنيين، وحذر حاكم من خطورة استمرار الأزمة في الجنوب، والتي سوف تزيد من نشاط الحركات السالبة في الدولتين، مشدداً على أهمية التدخل السريع من الجانب السوداني لحل الأزمة، والتي ستودي بالطبع إلى حل كل أزمات الدولتين . * ثورة الفراتيت لكن محمد الحسن الأمين رسم في معرض حديثه ل(آخر لحظة) صورة قاتمة لمستقبل دولة الجنوب، إذا لم تفلح الوساطات الحالية في حل الأزمة، وقال إنه وقبل فترة وجيزة قامت ثورة الفراتيت وأحدثت هزة قوية وضجة داخل العاصمة جوبا، وبعد أن تم إخمادها دارت معارك أخرى الآن وصراعات في ذات المدينة من مجموعات إثنية غير أطراف النزاع الأصلية، ثم تجدد الصراع القديم وتمنى الأمين أن تصل الأطراف المتنازعة إلى تسوية خلافاتهم، لكنه استبعد أن يتم ذلك في ظل ظروف اقتصادية معقدة وصعبة جداً، بعد أن شهد الدولار إرتفاعاً لافتاً مقابل الجنيه في دولة الجنوب، وبلغ أكثر من 50 جنيها، بيد أن النائب الأول لرئيس حكومة جنوب السودان رياك مشار توقع في مقابلة أجرتها معه قناة الجزيرة أمس الأول أن يصل الأطراف إلى حلول في الأيام القليلة القادمة، وأضاف أن الأولوية الآن لبسط الأمن والاستقرار في الدولة، والعمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وتوطين النازحين من المواطنين بعد بسط الأمن واستقرار البلاد، مقللاً من الخلافات بينه وخصمه سلفاكير، ومشيراً إلى أن الحل يكمن في تنفيذ اتفاقية السلام بالنسبة للدولة، واتفاقية أروشا بالنسبة لوحدة حزب الحركة الشعبية، ولملمة أطرافه بعد إرجاع الأقطاب الثلاثة للحزب .