في تطور مفاجئ للأحداث اعتبر السودان تعيين تعبان دينق نائباً أول لرئيس دولة جنوب السودان بدلاً عن د. رياك مشار خروجاً عن الاتفاقية ، بل أبدى على لسان وزير الدولة بالخارجية د. عبيد الله محمد عبيد الله عدم استعداده لاستقبال شخصية خارج إطار اتفاق سلام الجنوب ، وكانت جوبا قد أعلنت اعتزام تعبان زيارة الخرطوم كأول محطة خارجية له. خطوة الخرطوم ربما تتماشى مع الموقف الأفريقي بشأن مايجري في جوبا ولكن الإعلان عنها في هذا التوقيت قد لا يأتي في مصلحة البلاد وقد يوثر سلباً على العلاقات بين البلدين إذا وصفت جوبا الموقف السوداني بالتدخل في شؤونها الداخلية ، وهذا الأمر ربما يجعل الخرطوم التي تحظى بقبول واسع كونه ينظر لها بأنها الأنسب لتقريب وجهات نظر الفرقاء الجنوبيين ونزع فتيل الأزمة في بلادهم أبعد الوسطاء لتحقيق ذلك. ردة فعل: وفي أول ردة فعل من جانب جوبا على موقف السودان أعلن سفير الجنوببالخرطوم السفير ميان دوت رفضهم القاطع لموقف السودان تجاه حكومة بلاده وعد الأمر بأنه انتهاك لسيادة بلاده وتدخل في شؤؤنها الداخلية ، وقال ميان ل « آخرلحظة « لكل دولة دستورها وقانونها وسيادتها وأن موقف الخرطوم يعد عدم اعتراف بقانون وسيادة بلادنا ، بيد أن النائب البرلماني القيادي بالمؤتمر الوطني محمد الحسن الأمين فسر الأمر بعكس ذلك وقلل من تأثيره سلباً على العلاقات بين البلدين ، وقال الأمين للصحيفة إن تعيين تعبان دينق نائباً أول خلفا لرياك مشار أربك المشهد السياسي بجوبا وزاد من تعقيدات حل الأزمة بين الفرقاء في دولة الجنوب واستدل الحسن بما وصفها ب (القوة الضاربة) لمشار والتي لايستهان بها مما لا يمكن إخراجه من المعادلة الجنوبية. صراحة الخرطوم ويبدو أن خطوة تعيين تعبان خلفاً لمشار لم ترق للخرطوم التي أعلنت بكل صراحة ووضوح عدم سعادتها لاستقباله ، بحسب الوزير عبيد الله في تصريحات صحفية له. وكان السودان قد أسس موقفه على اتفاق الاتحاد الأفريقي والإيقاد على دعم حكومة الوحدة الوطنية باعتبار انها تمثل الجنوب فيما لفت عبيد الله أن قدوم تعبان بديلاً لمشار يمثل جسماً موازياً خارج الاتفاقية وأنه لامجال للتعامل مع اي حكومة تخرج عن تنفيذ اتفاقية سلام دولة الجنوب . ولكن بالمقابل يري ميان دوت ان تعيين تعبان ليس خروجا عن الاتفاق. موقف الإيقاد: موقف الخرطوم يتسق ويتماشى تماماً مع موقف مفوضية مراقبة اتفاقية السلام في دولة الجنوب الذي أعلنته في وقت سابق وأكدت من خلاله تمسكها برياك مشار بصفته نائباً أول، في دلالة على رفضها تعيين تعبان. وانتقدت (إيقاد) إقدام بعض أنصار المعارضة المسلحة على اختيار وزير التعدين تعبان دينق ليشغل منصب مشار الذي انقطعت أخباره منذ الشهر الماضي. وقالت المفوضية في بيان لها نشر مؤخراً إن «مشار هو الرئيس الشرعي للمعارضة المسلحة، ومسألة تغيير القيادة هي شأن يتعلق بمؤسسات المعارضة المسلحة نفسها. الموقف السليم: ولكن الوزير الأسبق بالخارجية ، السفير نجيب الخير عبد الوهاب يرى أن الموقف السليم فيما يتعلق بتغييرات شكل الحكم في دولة الجنوب يتطلب التعامل بالحسنى مع الشرعية الدستورية, والعمل على دعم كل مامن شأنه تحقيق الاستقرار في الجنوب، وقال نجيب ل « آخرلحظة « إن الحكمة تقتضي أن يكون السودان سباقاً لأن يلعب دور الوسيط المقبول لكل أطراف النزاع في الجنوب وأن يصبح العنصر الذي يعول عليه الكل في تحقيق الاستقرار في الجنوب، واختتم الخير حديثة قائلا التعامل مع الاوضاع في دوله الجنوب يتطلب الكثير من الحكمة والصبر وبعد النظر. ومهما يكن من أمر فإن موقف الخرطوم الجديد قد يحفظ علاقتها مع رياك مشار الذي يحظي بمقبولية على الصعيد الإقليمي فضلاً عن أنه يظل الأقرب وجدانيا للخرطوم لمواقفه المتشددة حيال الحركات المتمردة السودانية.