بالرغم من مضي سنوات طويلة على وفاة نجم الغناء السوداني إبراهيم الكاشف ، الذي عاصر فناني فترة الحقيبة القدامى إلا أن أغنياته وألحانه لازالت تسيطر على الساحة الفنية ويتم تداولها والاستماع لها من قبل أوساط وأعمار مختلفة ، وهو يعتبر أول من أدخل الآلات الحديثة في فن الغناء والطرب بالسودان و من أبرز المغنين في أربعينات القرن الماضي الذين سجلت لهم الإذاعة السودانية خلال سنواتها الأولى أعمالهم الموسيقية. الميلاد والنشأة الاسم الكامل للكاشف هو إبراهيم محمد أحمد أبو جبل، أطلق صرخته الأولى في مدينة ود مدني في عام 1915 م ووالدته هي السيدة حسنة علي محمد علي، واشتهر بلقب الكاشف نسبة إلى جده من جهة أمه محمد علي كاشف الذي جاء إلى السودان كقائد عسكري مع الحملة التركية على السودان سنة 1821 م، والذي تولى تربيته وهو صغير بعد وفاة والده ولفظ الكاشف في الأصل رتبة عسكرية تركية. تعليمه ومهنته: تلقى الكاشف تعليمه الأولي بمدرسة البندر الأولية في ود مدني أمضى فيها ثلاثة أعوام قبل أن يهجر التعليم وفي عام 1940م انتقل إلى الخرطوم وسكن حي الديوم وإصبح يعرف بلقب «إبراهيم مدني»، ومنها انتقل إلى أم درمان وأقام في حي الموردة حيث عمل بالتجارة. ماذا قدم كان الكاشف يغني في بداياتة بمصاحبة آلة الرق ولكنه خرج على هذا الأسلوب إلى طريقة الغناء الحديث بالمصحوب بموسيقي الآلات الوترية ، ففي عام 1934 قدم أغنية «أنا ما أقطف زهورك» بصحبة إحدى الفرق الموسيقية المصرية التي كانت في زيارة إلى ود مدني وتضم نجيب الريحاني وتحية كاريوكا، ولاقت الأغنية نجاحاً كبيراً الأمر الذي حدا به إلى أن يعيد التجربة مرة أخرى في 1940 م حين قدم أغنية «الشاغلين فؤادي» صوت نسائي يعتبر الكاشف أول من أدخل الصوت النسائي في (الكورس) المصاحب وساهم أيضاً في عملية تجديد النص الغنائي وفي موضوعات الأغنية السودانية الحديثة حيث قام بإعادة توزيع و تسجيل بعض الأغاني المشهورة كأغنية عزة في هواك بمصاحبة الأوركسترا . عمله في التلحين على الرغم من أن الكاشف قليل الإلمام بالكتابة والقراءة إلا أنه استطاع أن يحفظ أغانيه ، وكان يقوم بتلحين قصائد بعض اغانيه بنفسه » شعراء غنى لهم التقى الكاشف في بداية مسيرته بأحد شعراء العامية -علي المساح- وكانت البداية أغنية «زمانك والهوى»، ثم تبعتها أغنيتا «الشاغلين فؤادي» و «أنت بدر السما». وبعد انتقاله إلى أم درمان بدأ يتعامل مع شعراء اخرين ومن بينهم عبيد عبدالرحمن ومن أعماله «ظلموني الناس» «ورسائل»، ثم خالد عبدالرحمن أبو الروس، في «صابحني دائماً وابتسم» و عبد المنعم عبد الحي، «الحبيب»، وسيد عبدالعزيز في قصيدة «إنت عارف» ، و السر قدور، في اغنيتي «الشوق والريد» و«انا أفريقي، أنا سوداني»، إلى جانب كل من الشاعر حميد أبو عشر وصالح أبو السيد وآخرون ، و توفي في سبتمبر عام 1969م. الكاشف الخليفة: يقول الراحل محمود أبو العزائم في أحد كتبه عن الكاشف إن السبب في عبقريته بالإضافة إلى ذكائه وإلى من هم حوله فقد كانت له أوركسترا عام 34 -35 مكونة من الأمين محمد أحمد «كعورة: عالم الفلك المشهور وعبد الرحمن أحمد يوسف عازف البيانو خريج زراعة وصغيرون الزين صغيرون وزير ري والمهندس محمود جادين وقد أتي للإذاعة برسالة لعبيد عبد الرحمن الذي كان يعمل ترزياً بالمخازن والمهمات، وكغيره من الكثيرين لم يعره عبيد عبد الرحمن اهتماماً وطلب منه أن يحضر إليه بعد يومين وبعد خروج الكاشف دخل سرور وقال إن ختان أولاده بعد بكرة وهو يريد مغني إذ لا يعقل أن يغني بنفسه في الحفل وتصادف أن تكون المناسبة متزامنة مع مواعيد الكاشف وقال عبيد للكاشف سوف تدخل امتحاناً فيه كل الأعيان وكبار الفنانين، فغنى الكاشف بالرق « الشاغلين فؤادي » والمعروف أن سرور رجل طروب فطرب من غناء الكاشف حتى الثمالة وعند نزوله أمسك بالكاشف من يده وأشهد الحاضرين بأنه نوى الحج لكنه أرجأ عزمه حتى يجد من يخلفه ووجده الآن مشيراً إلى الكاشف