بدأ حياته كغيره من المطربين السودانيين بترديد أغاني (الحقبية)، إلى أن قوي عوده، وبدأ يشق طريقه بالعمل الفني الخاص، إنه الفنان الراحل خليل إسماعيل الذي ينتمي فنياً إلى جيل الستينيات من القرن الماضي، وصوته مميز كمغني (تينور)، ولديه قدرات صوتية تكاد تدخله إلى (السوبرانو) من غير اصطناع. ولد خليل إسماعيل في حي القبة الشهير بمدينة الأبيض بولاية شمال كردفان، جاء من عروس الرمال يتأبط موهبته الفذة في اللحن والغناء لينضم إلى كوكبة المغردين عبر الإذاعة السودانية وكان ذلك في النصف الثاني من القرن الماضي حوالي عام 1957، حيث شكل ثنائية رائعة مع الشاعر الغنائي الكبير محمد علي أبو قطاطي الذي أبرزه في أجمل أغنيات ذلك الزمان: في مسيرك يا الهبيب الأماني العذبة بسحروك شوية شوية، كما تغنى خليل إسماعيل الذي كان يمتلك ملكة فريدة في التلحين، حيث لحن معظم أغنياته بنفسه، تغنى للشاعر محمد بشير عتيق، وكان رحمه الله يكتب الشعر الغنائي لماماً فكتب أغنية جبل مرة التي لحنها وتغنى بها في أعقاب زيارة وفد فني كان الفقيد أحد أفراده، إلى جبل مرة، كما كتب ولحن وغنى أغنية نبيع الكمبا ومجموعة أخرى من الأغنيات. شخصية مرحة ينحدر خليل إسماعيل من أسرة اشتهرت بالمرح والطيبة والطرب، تضم أسرته العديد من المبدعين والساسة ورجال الدين والمجتمع، أبرزهم الرئيس الأسبق إسماعيل الأزهري، وعلي الأزهري، والشاعر محمد المكي إبراهيم، وآل الحلاج، والسادة الإسماعيلية. أولى أعماله الخاصة (الأماني العذبة)، التي تعتبر من أعذب الألحان السودانية، ومن بعد تعامل مع عدد كبير من الشعراء، منهم الراحل محمد علي أبو قطاطي حتى تجاوز عدد أغنياته ال(55) أغنية، أبرزها الأماني العذبة، جبل مرة وقبال ميعادنا بساعتين، ويعرف خليل إسماعيل بأنه شخص مرح وفكاهي، وبعيد كل البعد عن مشاعر البغضاء والحسد، وانتقل إسماعيل من الأبيض إلى أم درمان في أواخر الستينيات ليملأ بصوته أثير الإذاعة السودانية كما جرت العادة حين كانت الإذاعة هي الوسيلة الوحيدة التي يصل عبرها الفنان إلى كل الناس، واشتهر بين زملائه بأنه (مطرب الفنانين)، بمعنى أن المغنين في السودان يغنون للناس، ولكنهم حين يودون أن يكونوا مستمعين، فإنه مطربهم المفضل، وله صداقات عميقة مشهودة مع نفر من زملائه،على رأسهم الوفي له الفنان أبو عركي البخيت، الذي زامله منذ أن تعارفا في أحياء مدينة أم درمان أواخر الستينات، ولازمه طوال فترة مرضه، حتى الأيام الأخيرة من حياته، بالرعاية والعطف. آخر من تغنى له وقال عنه الشاعر الغنائي الكبير ورئيس اتحاد شعراء الأغنية الأستاذ محمد يوسف موسى: خليل إسماعيل رحمه الله، كان فناناً بحق، يمتلك موهبة نادرة في التلحين وكانت علاقاته الاجتماعية واسعة وهو مشهوربالطرفة والظرف بين أقرانه الفنانين ومعارفه، واستطرد الشاعر الكبير يقول لقد سجل التلفزيون السوداني قبل فترة وجيزة حلقة توثيقية للفنان الراحل (برنامج ليالي النغم) ورغم حالته الصحية التي كانت لا تسمح بالحركة الكثيرة، إلا أن خليل إسماعيل من فرط عشقه للفن تحامل على نفسه وذهب إلى التلفزيون وأدى مجموعة من أغنياته في هذه الحلقة التوثيقية، وكان أداؤه جيداً كعادته وهو في تمام الصحة والعافية، ويعتبر الشاعر يوسف موسى آخر الشعراء الذين تغنى لهم الراحل، حيث غنى أغنية ونشيد للسلام لحنه محمد حامد جوار. الرحيل غيّب الموت فناننا خليل إسماعيل بمستشفى مدينة أم درمان، في العام 2007م عن عمر يناهز ال(65) عاماً بعد معاناة مع المرض، وشيعه الآلاف إلى مقابر شرفي تنفيذاً لوصيته بأن يدفن بها، وكان خليل إسماعيل قد دخل المستشفى لعلاج الفشل الكلوي قبل أربعة أيام، خضع خلالها لعملية غسيل الكلى لأكثر من مرة، وداهمه الموت بعد عملية غسيل، وشارك في التشييع أعداد كبيرة من الفنايين والشعراء والصحافيين ونجوم المجتمع، وأقيم سرادق العزاء في دار اتحاد الفنانين حيث قال الفنان عبد القادر سالم نسبة لبعد منزل الفقيد ومكانته السامية في نفوس الزملاء، تقرر أن يقام المأتم بدار اتحاد الفنانين الذي توافدت إليه أفواج المعزين حتى ساعات متأخرة من الليل، كما أقام ذووه مأتماً بمنزل الأسرة بحي القبة بالأبيض.