قرأت في عدة صحف في يوم 17 ديسمبر أن هناك مؤتمراً صحفياً عقده تجمع الأحزاب السياسية المعارضة أعلن من خلاله أنه سيقوم بإجراءات للإطاحة بالحكومة الحالية، وأنه سيقلقل النظام بعد أن يتم الانفصال بعد التاسع من يناير 2011! .. وتكلم عضو الحزب الإلكتروني كتلة ووزناً، عن تغيير لاستراتيجيتها في التعامل مع حزب المؤتمر الوطني، وضحكت من هذه الأحلام الزلوطية التي لم تستطع ولأكثر من عشرين عاماً، الإطاحة بالحكومة التي كانت تنتاشها المؤامرات من كل جانب، من الشمال والجنوب والشرق والغرب، فما استطاعوا تحريك شعرة أو تغيير قناعة عند الحكومة، بل تهافت الجميع بدعاوى مختلفة.. منهم من اقتنع بعدم جدوى (تهتدون) و(تحاربون)، فرجع بشعار (تعودون والعود أحمد)، ومنهم من اقتنع بعدم جدوى شعار (سلِّم تسلم )، فعاد ليقول إنه لا يرضى بوحدة السودان بديلاً وأن الوحدة خط أحمر لا يمكن تجاوزه، ومنهم من اقتنع بعدم جدوى التآمر ضد بلاده مع أنه أعلن على الملأ ومن خلال المحطات الفضائية الشهيرة أن الحكومة تمتلك السلاح الكيمائي بمصنع الشفاء، وأن لأمريكا الحق كل الحق في ضرب المنشآت الحيوية في البلاد، وبذلك أعطى الرئيس الأمريكي، الساقط في حمأة الرذيلة، بيل كلينتون، الذريعة ليبقي بضع سنوات أخرى حتى أكمل أعوام الشؤم والتدمير في بلاد الله ليأتي الرئيس جورج بوش الابن ليكمل سخافات ومغامرات سابقه، بضرب العراق وقبلها افغانستان، ثم يأتون ليبرروا أنهم كانوا يظنون أن في العراق أسلحة نووية ! الذين فطنوا إلى خطورة ما يفعلون من تفتيت وحدة السودان رجعوا إلى صوابهم واستغفروا الله وأنابوا، بل وقفوا صفاً واحداً في وجه أعداء البلاد.. المستشار السياسي لجون قرنق، برغم شهاداته العلمية وخبراته العملية منذ أيام الراحل الفريق إبراهيم عبود، لم يجد بداً من الهروب من هذه البلوى التي لم يكن يظن نفسه يقع فيها ففارقها غير آيب! والذين استمروا في ضلالهم القديم فوجئوا بحلفائهم السابقين، الذين وقعوا معهم الاتفاقيات المتخاذلة، يتراجعون عنها برغم أنها كانت تميل إلى صالحهم، فما كانوا يريدون.. سوداناً جديداً ولا قديماً، بل يريدون أن يدفعوا الفواتير الساخنة التي لا بدّ من دفعها إن عاجلاً أو آجلا، يدفعونها لسفك الدماء، موسوفيني الذي برغم كلامه الكثير عن مزاملته للراحل جون قرنق لم يتورع من اغتيال (زميله ورفيقه) في تمثيلية سخيفة لم تجُز إلا على الساذجين الذين ظنوا أن الأشياء هي الأشياء!! يريدون أن يدفعوا الفواتير واجبة السداد لأمريكا التي قدمت لهم كل ما يريدون، برغم علمها السابق أنهم من بقايا العدو السابق، الاتحاد السوفيتي (العظيم)، ومانفيستو الحركة ينضح بالدعاوى الاشتراكية التي قذفتها الرياح في مهبها إلى غير رجعة.. يريدون أن يدفعوا الفواتير واجبة السداد لإسرئيل التي أمدتهم بالأسلحة (المتطورة)، وما هي بمتطورة، ولكنها (غفلة الشاطر).. والكلام عن إسرائيل مع التمرد ليس بجديد، بل هي من أيام ( أنانيا ون ) وجوزيف لاقو.. ما هناك من تبشير حقيقي بسودان جديد أو قديم، بل هي أموال البترول الذي أخرجته حكومة الإنقاذ برغم الحصار من الجميع، يريدون أن يستأثروا بها أو بالأحرى فتاتها، بعد أن يأكل كل أصحاب الفواتير كعكته، ولا يبقون لهم إلا الفتات! بضع قصور هنا وهناك وأحلام بزعزعة السودان بتمويل وتدريب المنفلتين من أبناء جلدتهم من غرب السودان، والذين لا يملكون موهبة غير الحديث عن (شعبهم المهمش)، وما عرفوا عن شعبهم واضطرارهم للادعاء بأنهم لاجئون، وما هم بلاجئين، وكيف يستقيم عقلاً أن يكون الشخص لاجئاً وهو لا يبعد عن منزله بأكثر من عشرة أمتار فقط! دعوات ترسل لأبناء الجنوب بالشمال للعودة (الطوعية)، وسذاجة من أبناء الجنوب بتصديق أن هناك مأوى ومستقراً للعائدين، فلا يجدون إلا الوهم والتحاف السماء التي، بحمد الله، لا تمطر الآن، ولا يسمعون عن النسب العالية في وفيات الأطفال والأمهات.. ما يحيرني حقيقة هو كيفية الكلام عن إزاحة الحكومة، والأحزاب هي نفسها التي كتبت ووقعت على ما يسمى(ميثاق الدفاع عن الديمقراطية)، فما هي إلا بضعة أشهر حتى جاءت الإنقاذ، فما وقف أحد يدافع عن (الديمقراطية المأسوف على بلوغها العته والخرف بسببهم، وماتت غير مأسوف عليها! أختم بقول الشاعر العربي جرير: زعم الفرزدقُ أن سيقتلُ مِربعًا فانعم بطولِ سلامةٍ يا مربعُ مهندس /تلفزيون السودان أم درمان