كنت اتوقع ان لا تتأخر يوغندا موسوفيني في دعمها لحكومة دولة الجنوب في حربها غير المبررة على السودان، فيوغندا والرئيس موسوفيني معروف عنها دعمها اللا محدود للحركة الشعبية حينما كانت الحركة تقاتل الحكومة السودانية، وحتى بعد ما وقّع الطرفان على اتفاقية السلامة لم تكن يوغندا الذراع الأمريكي في المنطقة بعيداً عن ملف التفاوض بل إن معظم الأجانب الذين كانوا على صلة بهذا الملف وصلوا ليوغندا بصورة أو بأخرى للاطلاع على مجريات التفاوض ودس الأجندة الأمريكية والغربية في اتفاقية السلام ولذلك فإن ترتيبات الأشياء في المنطقة وما يتبعها من مصالح اقتصادية وأمنية وسياسية تفسر لماذا بكرت يوغندا وسبقت الآخرين بإعلان وزير دفاعها دعمهم لدولة الجنوب.. يذكر الشعب السوداني جيداً أين كان زعيم الحركة الشعبية جون قرنق في آخر رحلة له قبل أن تهوي طائرتُه وتتحطم على الأرض، ويعرف الجنوبيون على وجه التحديد الدور اليوغندي في الجنوب فقد ظلت يوغندا تلعب دورًا استخباراتياً ضد السودان القديم وتدعم جوبا بكلام استهلاكي لا يثمن ولا يغني لم تكن لها اي مساهمات إيجابية في البنيات التحتية للجنوب وظل الجنوب يتلقى من كمبالا الخراب فقط أمراض وفتات من المؤن والأغذية وتصدر له العنف والجريمة ولا ينعم بخيرات يوغندا الاستخباراتية إلا قلة من السياسيين بالحركة الشعبية الذين وظفوا انفسهم لخدمة أجندة أجهزة المخابرات التي تتخذ من يوغندا ملاذاً آمناً تدير منه أجندتها في الإقليم.. يعلم الرئيس موسوفيني جيداً قبل سلفا كير أن تصريحات وزير دفاعه الداعمة للدولة الجنوبية لا تخيف السودان في شيء ويعلم كذلك أن الخرطوم تعي جيداً حجم الدور اليوغندي في الجنوب ومخططاته الإستراتيجية التوسعية داخل الأراضي الجنوبية فيوغندا مهما فعلت وتوددت للجنوبين لن تكون أقرب إليهم من كينيا، فالمزاج الجنوبي يفضل كينيا على يوغندا، كما يفضل السودان عليهما معاً، فمن مصلحة يوغندا ألّا ترعى مصالح جارة مضطربة وفقيرة وغير آمنة وعليها ان تقدم الدعم الإيجابي للجنوب كي يحقق الفوائد المرجوة من السلام.. فحجم الخسارة التي لحقت بدولة الجنوب في اعقاب احتلالها لمنطقة هجليج التي حررها الجيش السوداني الأسبوع الماضي كانت كبيرة من الناحية الأخلاقية والدبلوماسية والسياسية خاصة في محيطنا الإقليمي، خسارة تركت حالة من الإحباط الفظيع لدى الشعب الجنوبي ولدى أصدقاء حكومة الجنوب وهذا ما يبرر الموقف اليوغندي، غير أن الأهم أن على أصدقاء دولة الجنوب امثال الرئيس موسوفيني أن يكونوا من الناصحين للرئيس سلفا كير خاصة في علاقته مع الخرطوم لأن المواقف الاستفزازية كدخوله بلا مبررات لهجليج ألهب عليه الشعب السوداني وتحول الشعب كله لقوة معادية للجنوب وهذه فاتورة يدفعها سلفا كير والحركة الشعبية ما كان الجنوبيون في حاجة إليها.