دائماً أتمعن في رجل المرور، هذا الإنسان صديق الشمس الحارقة، أتمعن لذاك العرق المتصبب وهو في حالة تنظيم دقيق لكي يوفق في منح الفرص لكل مركب وعلى كل الاتجاهات، وقد تلاحظ لي في كثير من الإشارات أكثر حرصاً على إعطاء الفرص، يتعامل بيده وأخرى بالصافرة تنبيهاً طوال ساعات العمل التي قد تكون (8) ساعات يبذل فيها كل طاقته الجسدية والعقلبة بشكل متوازن، وما جعلني أسطر هذا المقال، هي حالة إعزاز وفخر لوفاء رجل المرور. أذكر قبل أسابيع خلت وأنا عائد مع نجلي في سيارته جنوبالخرطوم وفي شارع الهوا المعروف بهذا الاسم، وفي الإشارة التي توجهك إلى جسر السوق المركزي ومن ثم شارع أفريقيا، كانت الأجواء ممطرة وبغزارة لدرجة أن الرؤية أصبحت منعدمة تماماً، والتيار الكهربائي منقطع، حينها تحسبت لموقف السيارات ولكن أحسست أن الأمور تسير بصورة جيدة، فدققت النظر فوجدت شرطي المرور واقفاً بثبات يمنح الفرص لكل الاتجاهات وملابسه البيضاء في حالة يرثى لها ولكنه كان بحق رجل الأيادي البيضاء بصورة أسعدتني تماماً في ظل أوضاعه التي تحتاج كثيراً من الرعاية والاهتمام، تحتاج لقراءة أوضاع هذا الإنسان الأبيض في كل تفاصيل المعاناة، وألحظ أن أصحاب المركبات العامة والحافلات يحاولون التهرب في كثير من الأحيان لبعض المخالفات باعتبارها ثانوية، بينما هي واحدة من أشكال الانضباط التي تجعل سائق المركبة المرتبطة بالجمهور ملتزماً وحريصاً يعكس روح المسؤولية ويفرض احترام رجل المرور له طالما اتبع الإرشادات التي تجعل المركبة في صورة مكتملة من حيث الحماية، ومن جانب آخر فرض هيبة قانون المرور الذي سبق أن اطلعت على لوائحه التي تعضد سلامة الشارع من أي مخالفات ترمي بظلالها السالبة والمؤلمة. أقول إذا تناسقت كل الجهود خاصة البنيات التحتية (الطرق) ومعالجات ما يحدث من ترهلات أفضت إلى الشكوى المتتالية من أصحاب المركبات بكل أشكالها والتي تؤثر في استهلاك قطع الغيار ..فرجل المرور تقف مثل هذه العوائق حجر عثرة لتقديم عمل مروري متميز، بحق أنني أحس دائماً بأن رجل المرور ينقصه الكثير ورغم ذلك دائماً تحت الشمس يرسل ابتسامة الرضا لأنه يعمل بعرفان. أتطلع للقيادة أن ترفع من قدرات وخصائص هذا الإنسان الذي يعمل من أجل سلامة الجميع وهم يستخدمون الطريق كشركاء لكي يصلوا في زمن واحد لمكان عملهم وغيره من الاتجاهات وبصورة تشمل كل أشكال التأمين السليم. التحية من العمق العاشر لكل رجالات المرور، ولكل مسؤول في هذا الوجه المضئ منذ الصباح الباكر. لي عودة