يتقدم أحد العاطلين عن العمل لشغل وظيفة تنظيف المراحيض في مايكروسوفت، دعاه مدير القسم للمقابلة في نهاية المطاف يقول له بأنك قد قبلت في الوظيفة، الرجاء أن تترك لنا بريدك الالكتروني، لكي نرسل لك عقد العمل، الشخص العاطل عن العمل قال بنوع من الخجل بأنه ليس لديه بريد الكتروني ولايملك حتى كومبيوتر في البيت. يرد عليه المدير: إن لم يكن لديك بريد الكتروني فهذا معناه بأنك لست موجوداً. وبما انك لست موجوداً معناه أنك لا تستطيع العمل عندنا. يخرج الرجل غاضباً وفي طريقه يشتري بكل ما يملك وهى (20 دولاراً) إثنين كيلو جرام فقط من الفراولة.. ومن ثم يبدأ بطرق الأبواب ليبيعها.خلال ساعتين يربح 40 دولاراً، ويكرر العملية لثلاث مرات في ذلك اليوم، يدرك الرجل بأن العملية ليست بالصعوبة التى كان يظنها..وفي اليوم الثاني يذهب من الصباح الباكر ليشتري اربعة أضعاف الكمية من الفراولة وهكذا ظل يعمل كل يوم وبعد فترة قصيرة من الزمن اشترى دراجة بخارية ومن ثم شاحنة، و في النهاية يؤسس شركة محترمة، وبعد خمس سنوات أصبح مالك أكبر مخزن للمواد الغذائية في الولاياتالمتحدةالامريكية.بدأ يفكر بالمستقبل وفكر بأن يؤمن الشركة لدى أكبر شركات التأمين. ناقش مع مسؤول التأمين القضية، وفي نهاية المناقشة سأله موظف التأمين عن عنوان بريده الالكتروني. فرد للأسف ليس لدي بريد الكتروني!قال موظف التأمين مستغرباً: إنه أمر لا يصدق.. لقد بنيت أكبر امبراطورية في (5) سنوات وليس لديك بريد الكتروني، وأردف يقول له تصور ماذا كان سيحدث لك لو كان لديك بريد الكتروني! يجيبه صاحب الشركات: كنت سأنظف المراحيض في مايكروسوفت! أما سناء المصرية فأمرها عجيب إذ تقول الحكاية المصرية إن فتاة اسمها سناء حاصلة على بكالوريوس تجارة 1998 ظلت لعدة سنوات تبحث عن عمل دون جدوى خاصة وأنها تعول أسرة كبيرة أعتمدوا عليها جميعهم بعد غياب الأب، أشار عليها أحد أقاربها بالذهاب معه لمقابلة مسؤول بحديقة الحيوان ليسأله عن عمل مناسب لها، أعتذر المسئول ولكنه بعد تفكير قال لسناء: أن زوجة الأسد ماتت، وأن الحديقة لن تأتى بأخرى إلا بعد شهور بسبب الإجراءات الروتينية، وبما أنك بسم الله ماشاء الله تتمتعين بصحة جيدة وطول لا بأس به، أعرض عليك أن ترتدي جلد أو فرو زوجة الأسد على أن تجلسين داخل القفص مكانها يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الثالثة ظهراً نظير مرتب محترم، وطمأنها أن الأسد في قفص ملاصق لها وأن بينهما باب مغلق! وافقت سناء على الفور وظلت على هذا الوضع لأكثر من شهر حتى حدثت الواقعة حينما نسي الحارس في أحد الأيام إغلاق الباب الذي يفصلها عن الأسد، فدخل عليها الأسد محاولاً التحرش بها فأخذت تصرخ مستنجدة بمسؤولي الحديقة، إلا أن المفاجأة كانت فى أن الأسد قد صاح قائلاً(ماتخافيش ده أنا طلعت محروس بكالوريوس علوم 95.أستهللت بهاتين القصتين حتى أشير الى تعاطفي مع جيوش الخريجين من شباب اليوم الباحث عن الوظيفة واللاهث بين دواوين الحكومة جيئة وذهابا ونعلم أن هذه الفترة الحرجة التى يمر بها السودان قد لاتدع للمسؤولين فرصة للالتفات لهكذا مشكلة، فالجنوب والاستفتاء والانفصال والوحدة وتداعيات مابعد الاستفتاء ودارفور كل تلك القضايا قد تأخذنا بعيداً عن إحدى أهم القضايا التى تؤرق الأسرة السودانية، ومهما حملته القصتان اللتان اوردتهما من فنتازيا أقرب الى سيناريوهات الأفلام التسجيلية القصيرة إلا أننى فى الواقع أرجو وأتمنى أن يستخلص منهما شباب اليوم العظة والعبرة، وليعلموا أنه لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة، ونذكر هنا أن اليأس قد أودى بحياة أحد شباب مدينة سيدي بوزيد الى أن أحرق نفسه أمام مبنى المحافظة بسبب عدم حصوله على فرصة عمل، فكان أن اشتعلت بعد موته نار بتونس الخضراء لم تخمد بعد، وما يجب على شباب اليوم هو تحديد أهدافهم ومعرفة ماذا يريدون؟ حتى تبدأ مسيرة العطاء والبذل دون انتظار لعطية أو تفضل من أخ أو قريب أو حسيب، فمن بنى نفسه بنفسه هو الأقدر على مواجهة تحديات هذا الحاضر المتصاعدة يوماً بعد يوم، وتحديات مستقبل تتلاحق أحداثه بصورة مذهلة، ونشير أيضاً الى أن مافعلته سناء المصرية وزميلها محروس هو رسالة لشبابنا أن لا يستعلي على أي وظيفة مهما كانت وضيعة، فقد تكون مجرد عتبة فى سلم الصعود للمجد وخطوة مطلوبة لاكتساب التجربة والدروس، فالحياة مليئة بقصص العصامية والاجتهاد، فكل من وضع هدفاً أمامه بلا شك سيناله فى نهاية المطاف، وقديماً قال شاعر العرب (وما الإنسان إلا كمبرد ..إذا حز أمراً لابد قاطعه)، إذن لا مستحيل فى هذه الحياة ويجب على الشباب عدم ندب الحظ وتوجيه الانتقادات، سواء للحكومة أو لاقربائهم بأنهم لم يقدموا له يد العون والمساعدة فى الحصول على وظيفة، وعلى الشاب بعد التخرج أن يختار سكته حتى ولو كانت بعيدة عن مجال دراسته الجامعية، ففرص التدريب الآن أصبحت متوفرة للتخصص فى مجالات المحاسبة، أو السياحة أو وكالات السفر أو التصميم أو تكنولوجيا المعلومات (الآي تي) وحتى الحرف اليدوية للمشروعات الصغيرة، وكذا اللغات والأخيرة أصبحت هى مربط الفرس وكلمة السر فى الحصول على وظيفة، ونشير أيضاً الى قصة عامل المراحيض بشركة مايكروسوفت فمن أراد الشروع فى عمل تجاري يجب أن يصبر عليه فسكة التجارة وعرة مليئة بالعقبات والصعاب والأشواك والذئاب إن لم نقل التماسيح، وبرغم من مجموعة النصائح والأفكار التي طرحناها لشباب اليوم المغلوب على أمره إلا انه لا يمكن أن نعفي الدولة من مسؤوليتها التاريخية والكبيرة تجاه هؤلاء الشباب، وفى هذا الصدد لا يمكن أن ننكر أن الدولة قد استطاعت فعلاً عبر ثورة التعليم العالي تحقيق طفرة كبيرة وقفزة نوعية أفقية ورأسية فى مجال التعليم العالي، فخلال العقد الأول من عمر حكومة الإنقاذ برزت للسطح عدد كبير من الجامعات بمختلف ولايات السودان، وقد كان نتاج ذلك عدداً كبيراً من الخريجين مازال معظمهم يطرق جنبات وردهات وأبواب المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، بحثاً عن عمل، وفى هذا مؤشر خطير إذ يشير إلا أن الحكومة وبرغم نجاحها فى مجابهة تحديات ثورة التعليم العالي ودفعها للأمام إلا أنها فشلت فى توفير فرص عمل لهذا الكم الهائل من الخريجين، وربما كان ذلك بسبب عدم وجود استراتيجية واضحة وعملية لاستيعاب ذلك الكم الهائل الذى خرج من بين ثنايا تلك الجامعات منذ الأعوام الأربعة الأولى لثورة التعليم العالي، فالواقع الذى لا ضباب فيه أن ما أفرزته ثورة التعليم العالي هو البطالة أو العطالة وهى من أشد الأمراض فتكاً تلك التى تجابهه اقتصاديات الدول النامية وتعيق وتعطل عجلة النمو، وإن تم استعراض احصائيات لأعداد الخريجين منذ تفجر ثورة التعليم ومقارنة ذلك بالأعداد التى تحصلت على وظائف منهم، سنجد أن النتيجة مفجعة، وبذا فإن الواقع يحتم على الدولة تسهيل اجراءات دخول المشروعات الاستثمارية الكبيرة للبلاد، والتخفيف من قيود الاجراءات العقيمة، وخاصة الجمارك وتخفيض الكهرباء للمستثمرين، حتى يمكن المساهمة فى استيعاب هذه الجيوش الضخمة من الخريجين، وعلى عاتق الدولة تقع المسؤولية الأكبر، وذلك لأن الشباب يعتقدون أن مسؤوليتهم هي التعلم والاجتهاد لنيل الشهادة، وهم يظنون أن الدولة هي التي توفر لهم الوظيفة.. وإذا نظرنا للواقع الحالي للتوظيف أيضاً سنجده مخجلاً وقاسياً إن كان فى الخرطوم أو الولايات فهو بكل أسف لا يغطي ربع العدد الكلي للخريجين خلال عام واحد ناهيك عن خريجي الأعوام السابقة.فعلى الدولة أن تحاول دراسة تجارب بعض الدول التى نجحت فى استيعاب طاقات الشباب على أن يكون ذلك بعيداً عن لجان الاختيار الاتحادية، ولجان التوظيف الولائية فيجب أن نستحدث مؤسسات ومنظمات حكومية تستطيع تسجيل كل الخريجين العاطلين وتقوم بتصنيفهم كل حسب تخصصه، وأخذ معلومات وافية عنهم ومن ثم تقوم بتوفير الفرص لهم بعيداً عن معاينات لجان الاختيار الصعبة والمجحفة فى حق الشباب، وبرأي أن جميع المشروعات السابقة والتي صاحبتها ضجة إعلامية هائلة وتم صرف مليارات الجنيهات عليها لم تحرز اي تقدم باتجاه حل مشاكل الشباب. ü اديس أبابا