من حق الأستاذ مصطفى أبو العزائم رئيس تحرير صحيفة آخر لحظة أن يقول (زمان شن قلنا)، فالدعوة التي أطلقها قبل الاستفتاء بضرورة مسارعة السودان ومصر إلى إجراء تكامل بينهما لمواجهة تحديات المرحلة، والتي لم تجد الانتباهة التي وجدتها عقب الاستفتاء بعد اكتشاف المخاطر المحدقة، حيث تقود هذه الأيام عدة أحزاب مصرية مبادرات لذات الدعوة، بعد أن برزت المخاطر من التغلغل الاسرائيلي في الجنوب وبعد قول قيادات اسرائيلية أنهم سيمضون الصيف في جنوب السودان.. صيف لن يكون فيه الوجود الاسرائيلي بالقطع للنزهة، وإنما لتنفيذ أجندة من بينها مصالحهم في مياه النيل وهو ما يشكل خطراً على مصر وعلى السودان.. وقطعاً أن إسرائيل التي كان لها دورها في فصل الجنوب بالتهيئة له، سيكون لها تأثيرها على حكومة الجنوب، وهذه لا تفوت على أي قارئ فطن للمآلات المتوقعة، ومن هنا جاءت دعوات أبو العزائم ثم جاءت (متأخرة) استجابات الأحزاب المصرية لها، والتي يتردد أن مصطفى الجندي القيادي البارز بحزب الوفد المصري قد تقدم باقتراح بشأن إقامة استفتاء بديل بين الشعبين المصري والسوداني بشأن قيام وحدة بين شمال السودان ومصر، للرد فيه على قيام دولة الجنوبالأمريكية الإسرائيلية الأجندة، وذات المخاوف أعرب عنها رئيس حزب التجمع رفعت السعيد لمخاوفه لتقاطع المصالح المصرية مع المصالح الاسرائيلية، وبالتالي فإن وجود هذا المناخ المنادي لإقامة التكامل بين الدولتين الشقيقتين يبقى مهماً في ظل وجود أجنبي في الجنوب يستهدف أصلاً الدولتين، ونعلم أن الدولة العبرية ومن وراءها أمريكا يريدان تظل مصر غير قادرة على الخروج من بيت الطاعة الأمريكي، كما يريدان أن تحقق اسرائيل مآربها في مياه النيل بعد دخول الجنوب في اللعبة، وبعد أن يسيطر الأمريكان وإسرائيل على حلقة الوصل بين العالمين العربي والإسلامي من خلال الجنوب، وكذلك يريدان أن يضغطان على الخرطوم لتحقيق المزيد من التنازلات، بجانب العمل على جعل الجنوب قاعدة لحضانة الحركات المتمردة، والتي قد تجعل شمال السودان يلجأ بالمثل لحضانة حركات مناوئة، لخلق احتقان مستمر في العلاقة وكلها أهداف صهيونية خبيثة، يجب أن ينتبه لها البلدان مصر والسودان .. خاصة وأن مصر لم تلعب قبل قيام الاستفتاء الدور الذي يؤكد تقريرها لهذا التحدي، واختارت الحياد في تعاملها مع الطرفين (الحكومة والحركة الشعبية)، إلا أن ما تتخوف منه وما لم تتحسب له هو ظهور اللاعب الاسرائيلي بقوة في الملعب الجنوبي، الشيء الذي يجعل توثيق العلائق بين القاهرةوالخرطوم ضرورة تقتضيها الظروف، وتمليها المعطيات في زمان تتوحد فيه الدول الغربية، تحت لواء اتحادات تتوحد حتى في عملتها واقتصادها وهمومها العسكرية، بينما نحن نتباعد وتسعى اسرائيل لخلق المزيد من التباعد، حتى لتسهيل مهمتها في تنفيذ أجندتها في ظل وجود دول عربية ضعيفة ومفككة.. وعليه فإن الذي دعا للتوحد قبل الاستفتاء ذكي والذي دعا له بعد الاستفتاء ليس غبياً.. أنها الضرورات الملحة. حاجة ثانية: عندما ذهبت للمكتبة لشراء (أطلس) لابنتي التي طلبت منها المدرسة أن تأتي به، فوجئت بتغيير شكل الأطلس عن الذي كان أيامنا، وعندما سألت صاحب المكتبة عن الذي حدث، رد عليّ ساخراً والله أحسن تنتظر لأيام عشان الأطلس ده نفسه سيتغير لتعديل خارطة السودان، فتذكرت حينها أنه فعلاً ستتغير أشياء كثيرة بفعل الفاعل الذي خدع الجنوبيين وصور لهم أن الانفصال يعني انتقالهم من جحيم الخرطوم إلى جنة واشنطن، وفي ظل الغفلة العربية أو بالأحرى الغيبوبة العربية تحت تأثير البنج الغربي القوي الأثر.. اللهم أجعلنا نفوق. وجمعة مباركة ياعرب.