حملت أنباء الأمس أن المبعوث الأمريكي الخاص للسودان اسكوت غرايشن قال: «إن السودان قد يرفع من قائمة الدول الراعية للإرهاب بحلول يوليو إذا قبل نتائج الاستفتاء على انفصال الجنوب، وقال إن هذا الحديث صادر من الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكنه قال إن هذه الخطوات قد تستغرق بعض الوقت.. وزاد أنهم لم يختصروا الالتزامات القانونية لرفع أحدهم من القائمة.. وسنفعل كل شيء من جانبنا للتعجيل بهذه العملية».. إلى هنا انتهى تصريح غرايشن للصحافة العالمية.. والمتتبع للمواقف الأمريكية تجاه السودان.. لا ليس السودان وحده، بل تجاه بعض القضايا العالمية.. يجد أن أمريكا تتعامل مع الجميع بنظرية «الجزرة والعصا»، وبعد أن تحصل على ما تريد لا تنفذ أي حافز من الحوافز التي تعلنها.. وفي ظني أن السودان في هذه المرة أي استفتاء جنوب السودان، لا يحتاج إلى أي جزرة، بل إن الاتفاق على تقرير المصير قد تم في أكبر وأشهر اتفاقية للسلام تمت في هذا القرن، وقد تواثق عليه أهل السودان وهو الآن يتم بدون وصاية من أحد حتى وبدون ضغوط، فالحكومة قد أكدت أنها لا ترغب في تأجيل الاستفتاء لأنها التزمت به في الاتفاقية التي حددت ميقاته وطريقة إجرائه، بل حتى الاعتراف بنتائجه.. ولا أظن أن أمريكا تغفل ذلك، لذا جاء التحفيز من غير طعم ولا رائحة، فلا أمريكا تجبر الشمال على الاعتراف بنتائج الاستفتاء، ولا ترغب فعلاً برفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، لأن أسباب وضع السودان في هذه القائمة لم يكن لرفض حكومة الشمال إجراء الاستفتاء وعدم الاعتراف بنتائجه، فهي تعلم جيداً الأسباب التي وضعت السودان في هذه القائمة.. بالمناسبة لقد قال غرايشن إن هذه العملية ستستغرق وقتاً، وإنهم لن يختصروا الالتزامات القانونية لرفع أحدهم من القائمة «الشمال والجنوب»، مما يؤكد أن التصريح للاستهلاك الإعلامي فقط.. والسؤال الذي يطرح نفسه.. هل السودان وضع في قائمة الإرهاب بطريقة قانونية حتى يرفع اسمه من تلك القائمة بطريقة قانونية؟ سادتي هذا التصريح غير مقنع وأظن أن أمريكا نفسها غير مقتنعة به.. لذا لا أنصح بالفرح به أو حتى مجرد الأمل فيه.. فالشمال سيعترف بنتائج الاستفتاء رفعت أمريكا اسمه من قائمة الإرهاب أم لم ترفعه.