تناولنا يوم السبت الماضي علاقة السودان بفرنسا، وأشرنا إلى أن العلاقة بين البلدين لم تشهد ازدهاراً إلاَّ في فترة حكم الرئيس الراحل جعفر محمد نميري رحمه الله- خاصَّة في الفترة الممتدة من عام 1972م وحتى عام 1984م قبيل سقوط النظام بعام وقد أدارت (باريس) ظهرها للخرطوم عقب إعلان الرئيس نميري رحمه الله- عن تطبيق الشريعة الإسلامية في سبتمبر من العام 1983م. هذا الموضوع أثار اهتمام الكثيرين من المختصين والحادبين على العلاقة بين البلدين وكثير من القراء، وربما يكون هاتف من أخي وصديقي الاستاذ محمد محمد خير( الملحق الاعلامي السوداني بدبي) هو من دلائل الاهتمام بالأمر لدى الصفوة، وغيره عدد كبير من أصدقائنا في أوساط الدبلوماسيين والساسة والمهتمين بالشأن العام، وقد لمست ذلك في ليلة الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لاستقلال بلادنا المجيد داخل نادي الخريجين بأم درمان (شيخ الاندية) مساء السبت الأول من أمس، إذ استحوذ هذا الأمر على جل وقت من إلتقاني وتحدث إليّ في ذكرى الاستقلال.. وتكرر ذات الشيء يوم أمس داخل سرادق عزاءإحدى فقيدات آل دياب بمدينة (جبرة) في الخرطوم. ومن (ايد الوليد) كتب إلينا الاستاذ عبد الماجد محمد عيسى ما يلي:- « الأستاذ العزيز حياك الله، المعلوم لدى الكل أن العلاقات السياسية تحكمها العلاقات الاقتصادية في المقام الأول فنجد أن العلاقة بين البلدين شهدت الكثير من حالات الشد والجذب، وأحسن حالاتها الجيدة كانت في الفترة التي أعقبت تسليم سلطات الأمن السودانية (كارلوس) عام 1994 فشهدت زيارات متبادلة واستقرارا في العلاقات ولكن تغير عدد من الحكومات في فرنسا وثبوتها في الجانب الآخر أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين، كما نجد أن فرنسا لم تخف على الإطلاق رغبتها في أن تظل علاقاتها مع النظام السوداني بعيدة عن الأضواء لاعتبارات تتعلق بوضعها في داخل الاتحاد الأوروبي وعلاقاتها مع عدد من القوى الإقليمية والدولية وفوق هذا وذاك من منظور علاقاتها مع الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم تتوقف عن ممارسة الضغوط على باريس للحد من علاقاتها مع السودان. وقد قاومت الدبلوماسية الفرنسية محاولات فرض العقوبات على السودان أو إدانته في الهيئات الدولية لكنها كانت على الدوام تنتهي بالتصويت لصالح تلك العقوبات أو القرارات تحت ضغط لندن وواشنطن. وكذلك المشاكسة الدائمة بين السودان وتشاد مما تعتبره فرنسا تهديدا لمصالحها بالمنطقة.» * كما كتب من زاوية أخرى الاستاذ عبيد محمد سليمان عبوس، من الرياض بالسعودية.. وعملاً بحرية الرأي ننشر ما جاء في رسالته على أمل التعقيب على الأمر الذي نرى أن (السودان) قد أبعد (فرنسا).. فيه عن إحدى أهم الأراضي الافريقية (تشاد) وأخذت الثقافة العربية والإسلامية تتنشر وتنمو على حساب التغريب و(الفرنسة)، مما قد تعده (فرنسا) معركة حقَّق السودان خلالها أكثر من هدف وألحق بها هزيمة ساحقة (دون مقابل..) وهزيمة مثل هذه يمكن أن تخلق العداوة الشرسة والمستمرة، لذلك لا بد من الجلوس لترتيب أوضاع (الارض) من جديد، ولفرنسا في عهد الانقاذ رغم ضعف العلاقات- مصالح تتمثل في «توتال» للبترول و«أرياب» للذهب والمشاركة في تصنيع توربينات سد مروي، وقبل ذلك قضية «كارلوس» التي أشار اليها الاستاذ عبد الماجد من قبل. «فرنسا» لن تقبل الهزيمة الكاملة بلا مقابل.. ولا غيرها أيضاً « يا أستاذ مصطفى لقد عهدناك دائما كثير التفاؤل ولكن أرجو أن تسمح لي أن أعلق على تفاؤلك بشأن إصلاح ذات البين بين سوداننا الحبيب وفرنسا و دعنى أؤكد أن ذلك لن يحدث في المستقبل في عهد الرئيس الحالي ساركوزي المحسوب على اليمين الأوروبي ذي النزعة الاستعمارية، ففرنسا يا سيدي لم تعد فرنسا ما بعد الحرب العالمية الثانية .. لم تعد فرنسا الثورة فرنسا ديغول وبومبيدو و ميتران و شيراك حيث كانت مناصرا للدول المغلوبة على أمرها وأعني دول العالم الثالث... فرنسا التي تمردت يوما على الهيمنة الامريكية على القارة الأوربية وانسحبت من الجناح العسكري لحلف الناتو و قاومت انضمام بريطانيا للسوق الأوربية المشتركة. لكن ساركوزي الذي لم يخف إعجابه الشديد حتى قبل انتخابه للرئاسة بأستاذه ومعلمه جورج دبليو بوش و صديقه العزيز توني بلير و دعمه اللامحدود لسياسة الفوضى الخلاقة التى انتهجها بوش و كان من نتائجها الحروب في العراق وأفغانستان و العدوان على غزة و افتعال الإبادة في دارفور و لن يُرجى معه تحسين للعلاقات. إن فرنسا ساركوزي تقوم الآن بنفس الدور الذي لعبته بريطانيا على عهد بلير (مجرد تابع ليس إلا). كلنا نتمنى أن يصلح العطار ما أفسده الدهر بين الخرطوم وباريس والعطار هنا هو أخونا و صديقنا الدكتور سليمان محمد مصطفى السفير الحالي في باريس التي لم تعد عاصمة للنور كما كانت على عهد الدكتور طه حسين » .