تعتبر زيارة الرئيس المشير عمر حسن أحمد البشير لولاية نهر النيل في هذا الوقت لها دلالات ومعانٍ كبيرة، إذ إنها كانت أول زيارة له بعد عملية الاقتراع لاستفتاء جنوب السودان التي جرت في 9 يناير الماضي، وأتت الزيارة في إطار الاحتفالات بالعيد (55) لاستقلال السودان وختام مهرجان القرآن الكريم ال (33) وافتتاح عدد من مصانع الأسمنت وعدد من المنشآت الأخرى بمحليات الدامر- بربر- عطبرة. وبدا مساء الاثنين الماضي في دامر المجذوب وكأنه يوم وقفة العيد والكل منشغل بتزيين ساحة اللقاء الجماهيري الذي سيخاطبه الرئيس ونظافة الطرق الرئيسية وتعليق الأعلام والشعارات على امتداد الطرق والكباري التي سيمر عبرها موكب الرئيس، ساحة الاحتفال بمدينة الدامر والتي خرجت عن بكرة أبيها منذ الصباح لاستقبال الرئيس واحتشدت فيها جماهير المحليات السبع الدامر- عطبرة- بربر- البحيرة- المتمة وشندي.. والطلاب والطائفة المسيحية، وهناك لفتة بارعة من اتحاد معاشيي الشرطة وهم يرتدون الزي القديم المميز للشرطة السودانية الذي يتكون من الرداء والطاقية ذات الريش. من جهة أخرى تبارى الفنانون الشعبيون في أغاني الدلوكة والحماس الذي يشتهر بها الجعليون و«ضرب السوط حي وينك يا جنى»، وعبر طالب مرحلة الأساس عن تطلعات وأماني أهل الولاية شعراً والمتمثلة في حفر المجاري وبناء المدارس وتطوير المحليات. وسكتت الحركة تماماً بهذه المدينة إلا من هؤلاء الذين يقومون بذلك العمل، وقبل ذلك كانت الولاية قد شهدت فعاليات اجتماعات وزراء التنمية الاجتماعية بالولايات، وفعاليات مهرجان القرآن الكريم رقم (33)، واستضافت الولاية كل هؤلاء، حيث علمنا أن كل الاستراحات والفنادق امتلأت بضيوف الولاية الذين أحسنت إكرامهم جميعاً. في دار جعل وما أن حطت طائرة الرئيس والوفد المرافق له وكان في استقباله حكومة الولاية، بدأ على الفورالبرنامج الذي أعد للزيارة، وافتتح مصنع أسمنت عطبرة الذي يتبع لمجموعة الراجحي الاستثمارية والذي تبلغ سعته الإنتاجية 5700 طن يومياً.. ثم افتتح برج المعلم بمدينة الدامر والميناء البري بمدينة عطبرة. أوكامبو والغنماية ومن جانب آخر تبارى شعراء الحماس في شعرهم، وظلوا يعددون صفات الرئيس وأسباب تمسكهم به كرئيس للسودان ومن بينهم ذلك الشاعر الذي أغضبته ادعاءات أوكامبو ضد الرئيس فعدد من خلال قصيدة طويلة الأسباب التي من أجلها صوتوا للرئيس في الانتخابات السابقة باسم «أدبنا».. ويقول في مقطع منها: «أدبنا الخلى أوكامبو يطمش تقول غنماية». هذا بجانب شعارات أخرى علت بها أصوات الجماهير التي تؤكد على تمسكهم.. والتي تقول ما بتفوت ما بتفوت نحن معاك حتى الموت، وكان الكل وكان جزئين نحن معاك عشان الدين. بين الراعي والرعية وبعث البشير خلال خطابه لجماهير الولاية عدة رسائل لعدد من محليات الولاية وبشرهم بالمشروعات لدعم التنمية التي تحتاجها، وأشار إلى أنه بافتتاح مصانع الأسمنت يكون السودان قد اكتفى من الأسمنت من ولاية نهر النيل، وبشرهم برصف الطريق الغربي إلى أن يصل لمنطقة أم الطيور والباوقة والمناطق الشمالية، مؤكداً أن الولاية شريك في خزان مروي، مشدداً على المحافظة على دفع الحقوق. وأعلن عن تمسكه بشعار لا بديل للسكة حديد إلا السكة حديد، مشيراً لاتجاه الدولة لإنشاء خط جديد وإدخال قطارات جديدة متطورة لربط السودان بشبكة واحدة مع دول الجوار الأفريقي. وخص البشير أهالي نهر عطبرة والمناصير باستمرار التنمية لمناطقهم وإخراجهم من دائرة الفقر، مع التأكيد على صرف تعويضات المناصير، كما حمل مسؤولية بقية أهل الولاية للفريق الهادي عبد الله والي الولاية. وشرف البشير ختام مهرجان القرآن الكريم بمسرح النيل بعطبرة وأكد دعم الدولة لحفظة القرآن الكريم وجدد تمسكه بالشريعة الإسلامية وتطبيقها بالبلاد. وامتدت الزيارة لليوم الثاني، حيث قام سيادته بافتتاح مصنع أسمنت بمدينة التكامل ببربر والذي تبلغ سعته الإنتاجية (500.5) طن يومياً، ويبلغ رأس ماله (300) مليون دولار. ومصنع أسمنت بربر الذي تبلغ كلفته 210 مليون دولار وسعته الإنتاجية 800.4 طن يومياً، وقام بزيارة لمشروع الراجي الزراعي بمحلية بربر. واختتم زيارته بلقاء مع قائد وضباط وضباط صف وجنود سلاح المدفعية بعطبرة وأشار من خلالها لدور الجنوبيين إبان فترة الحرب ب 40 ألف مقاتل، مؤكداً أن السودان يمتلك قوة ردع ضارية لتأمين الاستقرار وضرب كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات الشعب السوداني. نقطة أخيرة إلى متى لا يعلم الذين يعملون في المراسم بأن الصحافة هي السلطة الرابعة في البلاد ويجب احترامها وتسهيل مهام الصحفيين دون استفزازهم والتعامل معهم بطريقة لا تليق بهم.