يُحكى إن السيد الإمام عبد الرحمن المهدي عليه رضوان الله ورحمته كان يتحدث في مجلسه منتقداً بعض مواقف السيد الحسيب النسيب علي الميرغني- (رحمة الله على آل البيت)- السياسية فانبرى أحد ملازمي السيد عبد الرحمن قائلاً: (ماتزعل نفسك ياسيدي.. مش السيد علي ده هسع أمشي أقطع لك رأسه وأجيبو ليك) فقال له السيد عبد الرحمن (تعال جاي قريب)، فلما اقترب لطمه على وجهه بالنعال.. وقال له (إنت تقطع رأس السيد علي الشريف ود الشريف.. أنا أتكلم فيه على كيفي إنت دخلك شنو؟.. أطلع بره وما توريني وجهك تاني)، فخرج الملازم باكياً حزيناً وجلس في الشمس يبحث عن من يصالحه مع السيد عبد الرحمن، فبلغ ذلك السيد علي فأرسل إلى السيد عبد الرحمن مندوباً.. وكان الخصام السياسي بين السيدين على أشده يقول للسيد عبد الرحمن (السيد علي يقول لك نحن عفونا عن فلان فأعف عنه حتى لا أضطر أن أحضر لك بنفسي).. فردَّ السيد عبد الرحمن التحية بأحر منها وقال: (السيد علي أخونا الكبير أنا الذي سأذهب له) وشخص اليه من فوره فكان ( لقاء السيدين).. والعهدة على الراوي.. وقد ترك (لقاء السيدين) أثره على الحياة السياسية السودانية بعد ذلك وإلى وقت قريب.. (فقد سقطت حكومة الأزهري وجاءت حكومة عبد الله خليل الذي جاء بالفريق إبراهيم عبود الذي أطاحت به ثورة اكتوبر، التي جاءت بالأحزاب، التي أطاح بها نميري، الذي أطاحت به الانتفاضة، التي جاءت بالصادق المهدي، الذي أطاحت به ثورة الإنقاذ التي جاءت بالسلام، الذي جاء بالاستفتاء، الذي أدى إلى فصل الجنوب!! وهذا هو البيت الذي بناه الجاك، وهذا هو الفأر الذي كان في البيت الذي بناه الجاك، وهذا هو القط الذي أكل الفأر الذي كان في البيت الذي بناه الجاك، وهذا هو الكلب الذي قتل القط الذي أكل الفأر الذي كان في البيت الذي بناه الجاك، وهذا هو الرجل الذي ضرب الكلب، الذي قتل القط الذي أكل الفأرالذي كان في البيت الذي بناه الحاك.. وهذا هو... هي.. التي.. الذي.. وهلجمرا. وقد قصدت شعبة المناهج ببخت الرضا تبسيط (مادة الضمائر) هو، وهي، والذي، والتي، وحبكتها في قصة بكتاب المطالعة الأولية باسم بيت الجاك، وهي قصة ذات بداية لكن بلا نهاية، إذ يمكن للتلميذ أن يضيف ماشاء الله له أن يضيف.. ولعل الأستاذ الكبير إبراهيم الصلحي قد اختار لبرنامجه التلفزيوني الناجح فترة السبعينات اسم (بيت الجاك) اقتباساً من هذه القصة والله أعلم. بيد إنني قد استرسلت في هذه المقدمة الطويلة بغير قصد مني، وأنا أريد التعليق على مداخلات ومكالمات السادة القراء الكرام عن عمودي وأشرقت الأنوار.. السيد البدري في دار السيد العجيمي.. وهذا هو (لقاء السيدين) اللذين عنيتهما بالعنوان أعلاه.. وقد وجدت كتابتي قبولاً وترحيباً، فمن قال إن العمود منارة سامقة تحكي للأجيال، وإنه جمع فأوعى وأثلج الصدور، أو كما جاء في رسالة السيد السجاد السيد عبد الله البدري.. أو كلمات السيد المعتصم العجيمي الرقيقة.. أو حديث الباشمهندس الصافي جعفر معي بكل مافيه من شجون في شؤون الدعوة إلى الله وإفراده بالعبادة... والدعوة إلى توحيد أهل القبلة، وكل من قال لا إله إلا الله.. وقدرات أخينا الصافي في المزج بين المتعة والفائدة مثل قدرته على المزج بين الهندسة والشعر.. وبين الحضارة والبداوة.. وبين الفقه والدروشة... وبين اللين والجسارة حتى لا أقول بين الماء والنار.. قالت بت المدني حجر (انتو خايفين من الناس هم وين الناس؟). إن الذي قعد بنا وبدعوتنا إننا (نباري البحر.. والبباري البحر مابيقطعوا) إذ لابد من الاقتحام مع حسن التوكل.. وهكذا وصل الينا الدين.. وما لم ينزع كل واحد منا نفسه من بيته وطائفته وشيعته وحزبه، ويرتفع بها إلى مقام التجليات والتحديات فلن نقطع أرضاً أو نبقى ظهراً، وسندور في الحلقة الجهنمية المفرغة التي لا يُدرى أين طرفاها.. ليس في سبيل الحكم، ولكن في سبيل الله والدعوة اليه بالحكمة والموعظة الحسنة.. وللمقارنة مع الفارق.. ألم تر كيف تناسى أهل مصر طوائفهم وأحزابهم ومعتقداتهم وخرجوا يداً واحدة ولساناً واحداً من أجل (هدف واحد)، أما آن لنا أن نترك خلافاتنا جانباً لتتحد جهودنا من أجل هدف واحد، وهو الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.. بعدما نطهر أنفسنا من الرياء وقلوبنا من النفاق وعيوننا من الخيانة.. ونقود هذا المجتمع نحو مراقي الكمال ومرافئ الجمال.. وهذا ما جمع بين السيدين في تلك الليلة لتنداح الدائرة فتعم كل أهل التصوف وأهل السنة والجماعة، لقد كان للقاء السيدين طعم وريح طيبة تجاوزت كل الحواجز، فقد دخل السيد البدري مطاطأ الرأس احتراماً وإكراماً لروح الأستاذ المؤسس محمد علي العجيمي، فتلقاه السيد المعتصم بما أهل هو له من حسن الوفادة وعميق الاحترام، فأرسيا معاً حجر الزاوية لعلاقة قديمة متجددة عهداً مع الله، وكان مهندس اللقاء المهندس الصافي.. إنه يوم له ما بعده بإذن الله. قال التعلمجي في الكلية الحربية (الطلبة دول ما عندهم ضبط وربط بقوا يقولوا الذي والتي). وهذا هو المفروض