هل الخرطوم تستحق استضافة فعاليات جائزة الطيب صالح؟ الإجابة عندي صارمة « لا وألف لا»!! هذه المدينة تبدو غبيّة هذه الأيام، وهي تنظر بفتور لهذا الكنز، الاحتفالية التي تهبط علي أرضها ولا تحرك ساكناً ولا تدق طبول الاحتفاء والاحتشاد!! قاعات الخرطوم الباردة يمكنها أن تمتلئ في دقائق في أي «فارغة أو مقدودة» ونظنها بالكاد- أي الخرطوم- تجرجر رجليها نحو الاحتفالية!! فضائيات الخرطوم وصحفها وإذاعاتها لماذا لا تنقل هذا الحدث على الهواء مباشرة، والاستثناء هنا للنيل الأزرق، وللأحداث التي خصصت «كتابها في جريدة» بمناسبة جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي.. «زين» قامت بالواجب، ومع ذلك أسأل هل في الخرطوم زين آخر يمسك جلبابه ويقول بأعلى صوته: «يا ناس الحلة أنا مكتول» في قاعة الصداقة ويتقاطر الناس هناك ليروا عرساً آخر بعد رحيل صاحب عرس الزين ومريود وبندر شاه وموسم الهجرة للشمال والمنسي ودومة ودحامد. الجائزة وليدة واللجنة الخاصة بها تبذل مجهوداً مقدراً، ولكن هل جائزة الطيب صالح يسعها هذا الجلباب الخاص والضيق؟!! عندما تنظر للقاعة التي تحتضن الفعاليات هذه الأيام تجد الضيوف القادمين من الخارج أكثر حضوراً من أهل البلد، وهذا شيء جيد يشير لتميز الطيب صالح وعالمية أدبه، ومع ذلك أين الحشود من أبناء بلده الذين قال عنهم في آخر حواراته: إنهم يتمتعون بقوة إيجابية طبيعية في العالم لا أحد يستطيع أن يوقفها!! وزير الثقافة القطري الذي يزور الخرطوم كضيف شرف جائزة الطيب صالح، قال إن مشاركة قطر جاءت لتعظيم قيمة الحياة الجميلة، وهي الوفاء من بلد الوفاء لمن يستحق الوفاء!! هذا ما قاله أهلنا في قطر الذين عرفوا فضله فقد أقام هناك ردحاً من الزمن وتبوأ أعلى المناصب عندهم، فماذا عن أهل الطيب صالح الذين رفع اسمهم عالياً بين الأمم والشعوب.. لماذا لا ينداح المشروع أكثر ويدخل فيه خلق كثيرون يطورون ويساهمون ويقدمون المفيد المبتكر الذي يجعل هذه الجائزة عالمية، يحتفي بها الأدب والأدباء في أرجاء المعمورة، وفي ثناياها تقام الاحتفالات والأنشطة والمهرجانات التي تجعل المكان- وليكن غير الخرطوم- مزاراً سياحياً وقبلة ثقافية يرتادها الناس كل عام احتفاءً واحتفالاً بهذا الأديب السوداني.