إشراف: عبد الرحمن جبر : تصوير: سفيان البشرى الفنان الجميل رقيق الكلمة واللحن محمود علي الحاج يعتبر من أميز مطربي الغناء الشعبي على مدى تاريخه الطويل وقدّم العديد من الأعمال الخالدة التي تتناقلها الأجيال تباعاً حتى الآن..(آخر لحظة) أجلسته على الكرسي الساخن فاستجاب بكل أدب وتواضع يُحسد عليه، وطرحنا عليه العديد من الأسئلة الملتهبة عن اتحاد الغناء الشعبي بوصفه رئيسه الحالي، كما وجهنا إليه العديد من الاتهامات الشخصية ودافع عن نفسه واتحاده بصورة واضحة وفتح النيران في عدة إتجاهات.. فماذا قال الفنان محمود علي الحاج:- البدايات كيف كانت؟ - بداياتي كانت في أوائل الستينيات من القرن الماضي وكنت وقتها طالباً بمدرسة أم درمان الأهلية الوسطى، وعشقت في تلك الفترة غناء رائد الغناء الشعبي الأول محمد أحمد عوض الذي نهلت منه الكثير وقدم لي الكثير من المساعدات وله الفضل في تكويني كفنان، بالإضافة إلى أنني أعشق الاستماع إلى كل ماهو جميل بداية برعيل الحقيبة وقبل الخمسينيات وإلى يومنا هذا استمع لكل ماهو جميل. بصراحة.. اختفيت عن الساحة تماماً.. هل توقفت عن الغناء، أم أن هنالك أسباب وراء ذلك؟ - لم أتوقف عن الغناء وأنا موجود في الساحة، ولكن بصراحة انزوينا قليلاً أنا والعديد من الزملاء وأصبح ظهورنا قليلاً جداً، ليس ذلك لقلة إبداعنا أو نضوب معيننا الفني فمازلنا نقدم ونضيف والدليل على ذلك لدينا مجموعة من الأعمال الجديدة والمميزة، ولكن السبب يرجع لتوقف الساحة الفنية وهي الآن بكل أسف خالية من المستمعين فمعظمهم يميل لسماع الكلمات الهابطة والغثة والتي لا تحمل معاني ويعف اللسان عن ذكرها، ولا يميلون لسماع الفن الراقي والجميل ولا أعرف السبب في ذلك، لهذه الأسباب تجدنا متوقفين تماماً أنا وزملائي. مقاطعاً.. هل تعني بهذا الحديث أن مشكلة الساحة الفنية تكمن في تدني مستوى أذواق المستمعين؟ - نعم هذه حقيقة فالذوق العام متدنٍ ليس في هذا الجيل لوحده بل لجيلين سبقوه، وبكل أسف نجد أن أذواقهم تعرضت لتشويش وانهيار وهذا شيء مؤسف. ولكن بصراحة شديدة يقال بأن صوتك أصابته الشيخوخة؟ - أتحدى كل من يقول مثل هذا الكلام فمازال صوتي محتفظاً بقوته وجودته بشهادة الجميع، ومن يعتقد غير ذلك فليحضر لاتحاد الغناء الشعبي في المنتدى الأسبوعي الراتب يوم السبت من كل أسبوع ويستمع لي ويحكم بعد ذلك. يقال بأن فترة رئاستك لاتحاد الغناء الشعبي كانت خصماً عليه ولم تشكل له أي إضافة؟ - هذا اتّهام باطل بنسبة 100% ومن لديه شك فليأت ليرى بعينه إلى أين وصل الاتحاد في عهدي.. وكما قال الرئيس الراحل إبراهيم عبود بشعاره المعروف (احكموا علينا بأعمالنا). مقاطعاً.. ولكن واقع اتحاد الغناء الشعبي الآن لا يسر ويسير في تراجع مخيف مع الأيام؟ - على العكس تماماً فالفن الشعبي بخير وحال الاتحاد يسر كل من ينظر إليه، ونشكل وجودا قوياً جداً في الساحة والدليل كثرة رواد المنتدى. ماهي حقيقة الخلافات داخل الاتحاد وخروج بعض أعضائه منه وإساءتهم لهذا الكيان؟ - لا توجد أي خلافات في الاتحاد، ولكن بعض الأعضاء غادروه وتحولوا بإراداتهم لاتحاد المهن الموسيقية وليس بسبب خلافات، ومن وجّه منهم إساءة لنا فهو مسؤول عنها ولا نردها إليه لأننا لا نميل لذلك ولا تخرج منا إلا الكلمة الطيبة. مقاطعاً.. ولكن عدم ردكم للإساءات الموجهة للاتحاد ألا تعتقد أنه إضعاف لهيبة هذا الكيان؟ - رد بسرعة.. لا تضعفه، فمن يستهتر بقيمة الاتحاد يستهتر بقيمة نفسه شخصياً، والاتحاد أبوابه مفتوحة للجميع فمن ذهب منّا حبابو عشرة وكذلك من انضم لنا. يرى الكثيرون أن الاتحاد انعدمت فيه عملية تواصل الأجيال باتجاه المطربين الشباب للغناء الحديث؟ - هذا كلام لا أساس له من الصحة فعملية تواصل الأجيال فيه مستمرة ، والدليل على ذلك انضمام مجموعة مميزة من المطربين الشباب إليه. نلاحظ أن مطربي الغناء الشعبي بعيدين كل البعد عن التجديد وتوقفوا في محطة أعمالهم السابقة؟ - هذا صحيح لحد ما وله أسبابه، وأنا شخصياً قدمت أغنيتين خلال عامين وذلك لأن الفنان لو قدم أكثر من أغنية في العام لن تكون بالجودة المطلوبة ولا تستطيع أن تنافس سابقاتها، وهذا ليس لضعف الشعراء والألحان. أين موقع الاتحاد من المشهد الثقافي والفني؟ - بكل أسف فالاتحاد في الفترة الأخيرة لم يكن له دور كبير، وبصراحة أكثر تم تجاوزنا ولم تتح لنا الفرصة في أماسي الخرطوموأم درمان الموسيقية مع العلم بأن اتحادنا يمثل دعامة الفن الأصيل وكل الفنون تفرعت منه، ويفترض أن يكون لنا دور كبير، والله يستر من أن يتم إبعادنا في أماسي بحري الموسيقية القادمة. مقاطعاً.. هل تعني بهذا الحديث أن وزارة الثقافة الاتحادية أهملت الاتحاد وتجاوزته عن قصد وأغلقت أبواب المشاركة في أماسي الخرطوم وأم در الموسيقية في وجه أعضائه؟ - إن كان ذلك عن قصد أو غير ذلك فإنهم غير موفقين في قرار إبعادنا عن المشاركة في هذه الأماسي، وهي محسوبة على من قام باختيار المشاركين في الأماسي وغيرها، فإبعاد الاتحاد يشكل نقصاً لأي جهة تتجاهله. الفنان كمال ترباس ترك اتحاد الغناء الشعبي وانضم لاتحاد المهن الموسيقية لأنّه الأفضل؟ - هذا الكلام يمثل رأيه وتقيمه الشخصي وهو حر في ذلك، ولكن بالنسبة لي بصورة شخصية فاتحاد الغناء الشعبي يمثل التاريخ ولن أتخلى عنه تحت أي ظروف، وليس هنالك أفضلية بين الاتحادين وكلها ساحات فن وإبداع. ماهي الأفكار المطروحة لتطوير اتحاد الغناء الشعبي؟ - الاتحاد الآن كمبنى تطور في مجال المنشآت كثيراً ونعمل على تطويره أكثر من ذلك، ولكن تطوير الإبداع هو ما يشكل إضافة له لذلك نشجع الزملاء داخل الاتحاد على تطوير إبداعهم أكثر وأكثر. اشتكى عدد من مطربي الغناء الشعبي من تجاهل الأجهزة الإعلامية لهم والمرئية والمسموعة بصورة خاصة؟ - تطرقت لهذا الموضوع كثيراً حتى أنني قمت بتصعيد هذا الكلام للسيد وزير الثقافة الاتحادية، وحقيقة هنالك ظلم وتجاهل لمطربي الاتحاد من قبل الأجهزة الإعلامية، بل حتى في المشاركات العامة والبعثات الخارجية رغم أن هذا حق من حقوقهم وبوصفي رئيسا للاتحاد أعمل على استرداد حقوقهم بقدر الإمكان وبأي صورة من الصور، ونأمل في تعاون وزير الثقافة معنا ونتوقع منه الكثير. أنت شخصياً رغم عمرك الفني الطويل بعيد جداً عن الأجهزة الإعلامية.. هل لك أي خلافات معها؟ - أنا قريب جداً منها، ولكن في الحقيقة أنا لست من النوع الذي يركض خلفها ليستجديها لاستضافته حتى لا أقلل من قيمة إبداعي، ومن واجب هذه الأجهزة عموماً البحث عن المبدع حتى يحس بقيمته ليقدم أروع ما عنده، فأنا لا أبحث عنها وعليها البحث عني، وهذا ليس كبرياء أو تعالياً مني فقط حتى أبدع. الساحة الفنية الآن بعيون محمود علي الحاج؟ - بكل أسف الساحة الفنية تعج بظواهر لا تمت للفن بصلة وانعدم الإبداع فيها، وكل المطربين الذين ظهروا في الساحة الفنية مؤخراً لم يشكلوا أي إضافة أو يضعوا بصمة ملموسة وهذا شيء مؤسف، وعلى مدى (25) عاماً مرت لم استمع لعمل مميز من المطربين الشباب. هل هذا الهجوم على المطربين الشباب يرجع لسحبهم البساط من تحت أقدامكم؟ - نحن لا نستهدفهم ولكن ندفعهم للإبداع حتى يضعوا بصمة واضحة في الساحة الفنية، ولا يوجد من يسحب البساط من تحت أقدامنا. رأيك في قانون اتحاد المهن الموسيقية الأخير والقاضي بعدم ترديد أغنيات الغير؟ - لو تم تطبيقه بالحرف قد يؤدي للإبداع، وكما قال لي الفنان الراحل عثمان حسين من قبل في جلسة صفاء جمعتني به قال: بكل أسف كل من يبحث عن عمل ولا يجده يتّجه للغناء ويعمل فيها فنان وبكل أسف فحتى المستمع أصبح لا يسمع بأذنيه بل بقدميه.. وحقيقة وجدت في كلامه الكثير من المنطق حسب ما يدور في الساحة الفنية وما يتلقاه المستمع ويتفاعل معه من كلمات هابطة لا معنى لها. لماذا لم تتجه للغناء الحديث.. هل إمكانياتك لا تساعدك على ذلك؟ - لدي تجربة بالغناء الحديث وفقت فيها لدرجة كبيرة، ولكنني لم أواصل فيها لأنني ظهرت للجمهور وعرفت كفنان شعبي وأعمل على المحافظة على هذا الشكل من الغناء ومتمسك به والحمد لله مقبول عند الناس، ولكن من يريد أن أغني له بالحديث فلا مانع لدي وأنا على أتم الاستعداد لذلك. الجديد القادم؟ - لدي مجموعة من الأعمال الجديدة تحت التلحين، وآخر أعمالي التي رأت النور هي (زولي الوفي) للشاعر عبد العال السيد و(شوق السنين) للشاعر التوم إبراهيم وقمت بوضع الألحان لها. أخيراً ماذا تود أن تقول؟ - أشكرك على هذه الاستضافة الطيبة يا عبد الرحمن وأرجو أن لا أكون قد جرحت شعور أي شخص، وأتمنى أن أكون قد وفقت فيما قلته وينزل على القاريء الكريم برداً وسلاماً . زولي الوفي جاييني يا زولي الوفي قايل الشباب في عمري في أنّا ما بدور تاني العذاب مليت خلاص أنا مكتفي وجاييني يا زولي الوفي ***** أنا قلبي مليان بالجراح شجرة بتخاف عصف الرياح زولاً معذب في طريق إنسان زمان خلاهو راح وجاييني يا زولي الوفي ***** قلبي الرهيف ذي قشه في ريح الخريف ما بتحمل سيل نزيف آه يا زمان لو كان تقيف تصبح حنين ولي وفي وجاييني يا زولي الوفي قايل الشباب في عمري في كلمات: عبد العال السيد