مشكلة منطقة أبيي الحقيقية في عجز المؤسسات السياسية والتنفيذية في الجنوب والشمال في التوافق على حل يفضي لنزع (فتيل) الاحتراب والموت الذي يظلل سماء بلدة أبيي.. وبالأمس حشدت الرموز الأمنية والعسكرية في بلدة المجلد، يتقدم الحشد العسكري.. ووزير الداخلية المهندس إبراهيم محمود حامد.. ووزير شؤون الجيش الشعبي نيال دينق نيال.. ووزير داخلية جنوب كردفان والفريق عصمت عبد الرحمن رئيس الأركان المشتركة.. والفريق صلاح عبد الله قوش مستشار الرئيس لشؤون الأمن.. وطبطب الجميع على الجرح النازف وتعهدوا بدفع الديات!!.. كأن النزاع في منطقة أبيي (مشاجرة) بالسلاح الأبيض راح ضحيتها أفراد مفتونون بفتاة جميلة المحيا تسرق الألباب.. وعلى استحياء قالت اللجنة إن ملف القضية سيتم رفعه للقيادة العليا لاتخاذ قرارات بشأنه. عندما تفشل الحلول السياسية، تتكيء تلك المؤسسات على الأجهزة العسكرية.. وحينما تصبح النظرة الأمنية والعسكرية طاغية على النظرة السياسية تمتليء دروب الحل بالقنابل ويتعذر بلوغ النقطة (أ).. وقضية أبيي تظل تجسد كل يوم دليلاً دامغاً على الفشل السياسي والتعويل على (المسكنات) المؤقتة ريثما تهب السماء حلولاً أو تهبط معجزة لخلاص طرفين صنعا الأزمة من (العدم).. وقعت أطراف أزمة أبيي على قرار التحكيم في لاهاي ولم يلتزم به أحد، ووقعت قيادات النظام الأهلي على اتفاق المسار الاجتماعي للتعايش السلمي ولم يلتزم به أحد، ووقع العسكريون على اتفاق المسار الأمني في كادوقلي قبل شهرين ولم يلتزم به أحد، وتم تجديد وإحياء إتفاق كادوقلي في خضم الأزمة الحالية ولن يلتزم به أحد.. فمتى توقعون اتفاقاً سياسياً حتى يستريح (العسكر) ويذهب هارون لإدارة حملته الانتخابية؟؟ الحل الوحيد الذي لم يتم (تجريبه) في حقل أبيي هو الحل السياسي، ولكن المؤسسات السياسية تختار الهروب من أمام المعركة ولا تعقد رئاسة الجمهورية اجتماعاً واحداً لاتخاذ القرارات الصعبة التي تتطلب تنازلات من البشير وتنازلات من سلفاكير والتوقيع على اتفاق (جديد) ينهي دورة العنف في أبيي التي لن تستقر في غياب الحل السياسي!! العنف الذي يتمدد في تخوم بلدة أبيي لن يتوقف بقرارات عسكرية، لأن السلاح ظل يقعقع في المنطقة منذ عام 1983م ولم يصمت إلا بضعة سنوات.. والآن تجددت دورة العنف التي حتماً ستقود الدولتين لحرب حدودية طويلة الأمد إذا لم تصغِ المؤسسات السياسية لأنين الجرحى في مستشفى ساهرون.. ودموع الأرامل في الستيب وتاج اللي.. و(إنا لله وإنا إليه راجعون).