حكم تحية المسجد والإمام يخطب ورد عنه صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه أبو هريرة رضى الله عنه قال :«خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها ولاتقوم الساعة إلا فى يوم الجمعة». هذا فى فضل يوم الجمعة ووجوب صلاتها أما التغليظ فى ترك الجمعة هو ما أورده الإمام مسلم فى صحيحه عن الحكم بن ميناء أن عبدالله بن عمر وأبي هريرة رضى الله عنهم حدثاه : أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعواد منبره :« لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله عز وجل على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ». يلاحظ عند صلاة هذا اليوم وفي جميع المساجد الاختلاف حول أداء تحية المسجد بعد أن يصعد الإمام المنبر ويبدأ فى خطبته فنجد بعض المصلين يؤدي تحية المجلس والإمام يخطب والبعض يجلس إذ وجد الإمام يخطب ولايؤديها والبعض الآخر يؤديها بين الخطبتين عند جلوس الإمام . فى عمود الجمعة الماضية بينا الرأي فى صلاة الرغيبة بعد أن تقام صلاة الفجر واعتمدنا من ذلك على ما ورد فى كتاب الصلاة المسنونة واليوم نبين الرأي فى تحية المسجد عند صلاة الجمعة والإمام يخطب ونعتمد على الأراء التى أوردها البروفسور على أحمد محمد بابكر فى كتابه سياحة فى صحيح البخاري يقول أن الحديث الذى ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان على المنبر يخطب للجمعة فدخل رجل وجلس فأمره صلى الله عليه وسلم أن ينهض ويصلي ركعتين فظاهر هذا الحديث النبوي أن تحية المسجد تصلى ولو كان الإمام يخطب يوم الجمعة ولكن حقيقة الأمر أن هنالك خلافاً واضحاً فى هذا الأمر فهناك من العلماء والأئمة من منع تحية المسجد والإمام يخطب فى يوم الجمعة استناداً الى أحاديث أخرى مروية تمنع ذلك . وكذلك استناداً الى تفسير هذا الحديث بما يتفق مع منع تحية المسجد فى هذا الوقت وخلاصة الرأيين وأدلتهما هى أن أحد الرأيين هو الرأي المذكور فى الحديث النبوي الذى رويناه وهو : أن تحية المسجد تؤدي حتى ولو كان الإمام يخطب فى يوم الجمعة أما الرأي الأخر فيمنع تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة ويستدلون بأدلة منها : /1 الحديث المتفق عليه وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت) فإذا امتنع الأمر بالمعروف فى هذه الحالة مع قصر زمنه فمنع تحية المسجد مع طول زمانها أولى . /2 ما رواه أبو داؤد والنسائي عن عبدالله بن بشر من أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب يوم الجمعة فجاء رجل ومشى بين الصفوف يتخطى رقاب الناس ليجلس فى الصفوف الإمامية فقال له صلى الله عليه وسلم : ( اجلس قد آذيت) قالوا : فأمره صلى الله عليه وسلم بالجلوس ولم يأمره بالتحية . /3 مارواه الطبراني عن ابن عمر رضى الله عنه مرفوعاً الى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا دخل أحدكم والإمام على المنبر فلا صلاة ولاكلام حتى يفرغ الإمام). /4 قوله تعالى :( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) وخطبة الجمعة يتخللها القرآن فالإستماع وعدم التشاغل بالتنقل هو استجابة لهذا الأمر القرآني. وقد اعتبر الإمام المالكي ابن العربي أن أدلة منع تحية المسجد أثناء خطبة يوم الجمعة هى أقوى من أدولة جوازها والرأي يمنع تحية المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة هو رأي المالكية واستندوا الى الأدلة التي أوردناها والرأى بجواز تحية المسجد فى هذا الوقت هو رأي غير المالكية واستندوا الى الحديث الذى أوردناه أولاً .. وقد تلاحظ أن بعض المسلمين يصلى تحية المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب وبعضهم لايصليها بل يجلس مباشرة بعد دخوله المسجد ويستمع الى الخطبة وكل فريق منهما يستند الى أحد الرأيين المذكورين. وهذا المقام من المقامات التى تعارضت فيها أحاديث الأحاد وهى من المقامات التى يجوز فيها الخلاف وفقاً للأخذ بهذه الأدلة .. .. جمعة مباركة