نادت المرأة على مر العصور بالمساواة مع الرجل في نيل حقوقها الشرعية، ولكن بعضهن اختلف في ماهية الحقوق.. ولنقرأ بعض ما كتبه منتصر علي في رده على ما كتبته في لا للتميز وتقول رسالته: إن أول ما تطالب به المرأة العصرية هو مطلب المساواة فشعارها الذي تردده دائماً: (إنني مثل الرجل تماماً عدا كوني امرأة وكونه رجلاً). ويبدو أن مطلب المساواة بالنسبة للمرأة العصرية أصبح تعبيراً عن عدم ارتياحها العام، فهي تطلب المساواة بإلحاح شديد، على الرغم من عدم وضوح ذلك في ذهنها وضوحاً تاماً، وإذا ما حللنا هذا الوضع من الزاوية النفسية نرى أن مطلب المساواة هذا ذا شقين بارزين: الأول يتعلق بالحقوق التي تؤهل المرأة العصرية لها، بينما الثاني يبين لنا أن مطلب المساواة نفسه ما هو إلا مجرد تعبير عن عدم الراحة مع نفسها، إذ هي دوماً تقول: (إن الأمور تسير بعكس ما تريد المرأة). إن من مظاهر المساواة بين الرجل والمرأة - كما تراها فتاة اليوم- تحمل أعباء البيت وتقسيم الأعمال المنزلية حتى يكون لديها متسع من الوقت تمارس فيه أموراً خارج البيت، وتأخذ نصيبها كالرجل من متع الحياة، فالحياة ليست للرجل وحده، إنها لها أيضاً، (فهي وهو) شريكان شراكة متساوية فيها. وكذلك ينبغي أن تعطى لها فرص متساوية مع الرجل حتى تشاركه في إعداد العمل وتنفيذه، وأن تتساوى بالرجل في جميع المجالس المختلفة التي تسيطر على الدولة وتسير شؤونها، ولكن المرأة العصرية تنسى أحياناً أن المساواة المادية مع الرجل لا تؤدي بالضرورة إلى المساواة بالخبرة الداخلية، ولتوضيح ذلك نقول: إن ممارسة المرأة نفس العمل والنشاط الذي يقوم به الرجل لا يكسبها نفس الرضا الذي يناله الرجل من هذا العمل والنشاط، وهذا يتضح حين اختيار برامج التلفاز مثلاً، فهناك مواضيع ترضي النساء بينما أخرى ترضي الرجال، كذلك فإن اهتمام الجنسين يختلف بالنسبة لمشاهدة مباراة كرة القدم، ونفس الشيء ينطبق على أمور المهنة والوظيفة. فالمرأة العصرية ليست عادلة بحق نفسها إذا طلبت التساوي بالرجل في الأعمال، والأفضل لها أن تطلب لنفسها فرصاً متساوية مع الرجال، كي تعمل ما تشعر بأنه يرضي ذاتها ويحقق طبيعتها وخلقتها، من أن تحاول عمل ما يقوم به الرجل بالضبط، دونما تمييز يخدم اختلاف تكوين الجنسين. والمرأة الحديثة دائماً تبسط فكرة المساواة، فنراها تكرر القول بأنها كالرجل تماماً، ولا تختلف عنه إلا من حيث الإنجاب، فعقلها مثل عقله، وفي رأينا أن هذا يسيء للمرأة ولا يخدمها، فهي ولا شك مختلفة عن الرجل حتى من حيث تكوين دماغها، وعلى المرأة أن تكون واضحة وصريحة وواقعية، حينما تطلب المساواة التي لا تجيء عن طريق مزاولة نفس الأعمال التي يؤديها الرجل، ولكن ينبغي عليها أن تبحث في المساواة عن طريق تطوير وتنمية قدراتها الكاملة كمخلوق بشري مثلها في هذا مثل الرجل تماماً.