أحب الضجيج.. وصخب الحياة.. واختلاف الرؤى.. والمناطحة حتى الدم.. ولكن فقط بالكلمات.. أحب اختلاف وجهات النظر.. وصراع واصطراع الأفكار.. حتى (قومة النفس).. ولكن بعيداً عن التهريج والإسفاف.. ومقطع.. بل بيت شعر بديع.. بهي.. أنيق ورصين.. أحبه .. استمع له.. استمتع به حد الوصف و(الجن) والجنون.. والخليل.. يبرز ثلاث وجهات نظر متنافرة .. في غادة واحدة.. في حبيبة واحدة.. في فاتنة واحدة.. أحدهم يقول.. واحدين قالوا نور.. وواحدين قالوا دوب مروي ما بتنور.. وفريق يرفع (العصي).. و(يشنق) الطواقي.. وهو يتحدى.. مين يقوم يتنور يبرى القيف هناك.. تحتو الدابي كور.. ونهبط.. بل نرحل من زهو الاستديوهات الوسيمة.. ونغادر حدائق الإذاعة المترفة.. ونذهب مباشرة إلى ميدان أبو جنزير.. حيث اللهب.. أو يمكن أن يكون.. حيث الصخب.. أو يمكن أن يكون.. حيث الحسم والنصر.. ويجب أن يكون.. ويأتي اليوم.. ولم يأتِ أحد.. بل أتى أحد.. وكان وحده شعباً وأمةً.. وعبارة وإشارة.. وأمارة .. أتى نقد.. والمهم أن (الموضوع) طرشق.. وهذا هو موضوعنا اليوم.. وله ومن أجله كانت مقدمتي في صدر هذا المقال (المجنونة) اليوم.. نكتب عن حدث واحد.. وهو فشل (التظاهرة السلمية).. نكتب عن عيون وكلمات الحكومة عن هذا الحدث.. بل فشل ذاك الحدث.. نكتب عن عيون وكلمات أصدقاء وأحباء.. وبعض الأقلام الهائمة وجداً.. الذائبة عشقاً في المؤتمر الوطني.. ثم عن عيوني وكلماتي وزهوي.. وجنوني.. وحزني وحبوري.. ومعقولي وغير معقولي.. عن نفس الحدث. ونبدأ بالحكومة.. التي كانت قد استعدت ليس بكامل زينتها ومفتخر الثياب.. بل بقوتها الضاربة.. وعيونها المفتوحة أبداً مثل (الريال أبو عشرين).. وشطارتها ومهارتها في إطفاء أي (جمرة) مهما صغرت في أي (كانون).. لذا كان رد فعلها بعد فشل تلك التظاهرة هادئاً.. ناعماً.. لم تقم له الاحتفالات.. ولا رفعت فيه الرايات.. ولا أضاءت فيه الثريات.. ولا اجتاحتها حمى الاحتفالات.. إذن كان رد فعلها وقوراً.. هامساً.. بل لم تسمح له حتى بدقائق قليلة في مساحة لسانها.. وهي الإذاعة والتلفزيون. ونأتي إلى الحدث.. نفس الحدث وهو فشل التظاهرة.. بعيون وكلمات.. وهتافات وأفراح أحبائها وأحبتها من الذين لم تسعهم الفرحة ولم تحتمل.. صدورهم كل ذاك النصر.. وبدأوا يصطخبون تحركهم هذي الأغاريد.. كتبوا.. وصرخوا.. وأعلنوا.. واستخفوا وسخروا من المعارضة.. ورموزها المتجهة نحو (أحمد شرفي) والبكري.. وبدأ التقريع.. و(التنكيت) والازدراء.. والسخرية.. وفيض من سباب.. وجداول من شتائم.. وأخذهم.. بل حملهم ذاك الانتصار.. انتصار (فشل التظاهرة).. إلى الحديث عن أن الحكومة والإنقاذ.. والمؤتمر الوطني.. لن تُقتلع أوتاده حتى زلزال بقوة عشر درجات من مقياس رختر.. ويكتب أحدهم أن على (الشعب) أن يقنع من تغيير.. أو تبديل حتى يرث الله الأرض ومن عليها في يوم النشور.. ذاك اليوم الذي يبعثر فيه ما في القبور ويحصّل ما في الصدور.. وأكثر أصوات هؤلاء رزانة وهدوءاً ومنطقاً (في رأيهم هم).. أن هذا الشعب شعب واعي يعرف مصلحته.. مقدر ظروف الإنقاذ.. رافض في عقل.. القفز في الظلام.. وأنه لن يخرج تقليداً لأحد.. وأنه ليس غوغائياً.. ولا تابعاً. نعم هذا هو الحدث بعيون فريقين.. فريق الحكومة.. وفريق أحباء وأحبة وأصدقاء الإنقاذ.. وقليل من المؤلفة قلوبهم.. وبضع رجال ونساء من الذين أبداً يرتدون على عجل الجبب.. والتي هي أكثر ملكية من الملك نفسه.. والذين.. يكون لسان حالهم أبداً وهم يلفتون أنظار أصحاب الشأن والجلد والرأس (نظرة نحن هنا).. والعجيب أن بهم من كان والي في وقت ليس ببعيد.. يهتفون.. أو يهمسون (نظرة يا أبوهاشم).. وسبحان الذي لا يتغير. وغداً أذهب بكم إلى عيون أخرى.. وكلمات أخرى.. ونظرة أخرى (شافت) (طرشقة) وفشل التظاهرة.. وهي عيوني وحروفي.. وكلماتي.. والتي سوف تطالعونها غداً.. إلى بكرة.