غداً يصادف مرور ربع قرن و«عام» على ذكرى انتفاضة أبريل المجيدة والتي هبت في عام 1985م. والغريب في الأمر أن هناك من لازال يشكك في أنها ثورة ويذهب بالقول بانها مجرد انقلاب عسكري لا «غير». والحقيقة واضحة كالشمس في ضوء النهار. فالانقلابات العسكرية معروفة من حيث «التكتيك» و«الإخراج» و«البرنامج» و«الأشخاص المشاركين» في العملية من حيث «الإعداد» و«التخطيط» و«التنفيذ» فإذا نظرنا الى أبريل فإننا نجدها ثورة شعبية شاملة قامت وفق ظروف موضوعية أدت لتحرك قوى الشعب المختلفة وفئاته من مختلف الطبقات فهناك الطلاب وأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسون والعمال والمزارعون والتجار كل هؤلاء خرجوا للشوارع وهتفوا بسقوط النظام منذ صبيحة 26 مارس حتى إعلان الجيش انحيازه للشارع بعد عشرة ايام ليضع حداً لحكم مايو فإن لم يفعل ذلك فإن العنف وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح هي النتيجة المحتملة لذلك. إذن 6 أبريل كانت ثورة وجاءت ببرنامج محدد يتلخص في إقامة نظام ديمقراطي كامل وحياة نيابية وحرية صحافة وتعبير وسيادة حكم القانون والفصل بين السلطات إما إذا لم يتحقق ذلك ولم تجد شعارات الانتفاضة طريقها للتطبيق طيلة أربع سنوات من الحكم الديمقراطي الثالث المضطرب فذاك موضوع آخر لا يقلل بأي حال من الأحوال من تصنيف تلك الهبة الشعبية ووضعها في مصاف الثورات. ولأن المقام للذكرى فإننا نقول ما أحوجنا للتأمل والتدبر. ومع ذلك نقول نحن لسنا في مقام إعطاء دروس خصوصية في «التربية الوطنية» ليس لأننا لا نملك شهادات تؤهلنا للتدريس ولكن لأن هذه المادة عصية على فهم القوى السياسية حكومة ومعارضة وليس هناك من يسمع للقول الدائم والمتكرر على الدوام والذي يقول بأهمية البحث عن ثوابت تجمع ولا تفرق. ثوابت تضع الحد الأدنى لمفهوم العمل على إيجاد نظام حكم سياسي راشد يضمن تداولاً سلمياً للسلطة لا احتكاراً ولا تسلطاً او تكريساً لفرد أو جماعة نظام يضمن لنا الوصول لكيف يحكم السودان لا من يحكم السودان. الآن تعيش المنطقة العربية أجواء ثورات وانتفاضات من حولنا نحن لا نقول إن شروطها تنطبق بالضبط علينا ولكننا نقول إنها أيضاً ليست بعيدة طالما توفرت الشروط الموضوعية لذلك-فهل فهمنا الدرس هذه المرة.. أتمنى ذلك!