ü بعد ايام تهل علينا ذكرى 21 اكتوبر المجيدة!! ودرجت الصحف السودانية على الاحتفال بذكرى هذه الثورة ومعها شقيقتها ثورة أبريل باعتبارهما هبات شعبية وملك «مسجل» للشعب السوداني بكل «أحزابه ونقاباته» وهيئاته الشعبية. وتتحدد الملكية بقرار المشاركة أو الاقتراب من هذه الثورة أو تلك أو الإسهام في صنعها وإيقاد شرارتها أو «إنتاج» العوامل والظروف الموضوعية التي تساعد على قيامها!! ü نحن هنا نتحدث عن الثورات السودانية في العهد الوطني الذي تلى الاستقلال. وهي ثورات فريدة وسابقة لهذه الثورات العربية التي تسمى هذه الايام بالربيع العربي والشعب السوداني ملهم ومحب للحرية وللديمقراطية ويأبى كل انواع الظلم والديكتاتورية والإقصاء!! وهي بهذا الفهم والمستوى تبدو «مظلومة» الى حد كبير عند هؤلاء المحللين الذين يتكلمون في الفضائيات العربية عن هذه الثورة أو تلك وينسون ويجهلون أن بوسط الخرطوم ساحة تحرير قديمة- ساحة الشهداء- قادت التغيير في كل مرة يحتاج فيها الشعب السوداني للانعتاق من هذا الحكم أو ذاك ولكن دائماً ما تصطدم «كرة» هذه الثورات «بعراضة» ظروف «ومتاريس» «غريبة» و«عجيبة» تفرغ هذه الثورات من محتواها وتتم سرقتها في وضح النهار ثم سرعان ما يتسرب اليأس والقنوط الى نفوس الثوار وتضمحل الآمال والأحلام وتتبخر في الهواء ثم يأتي «البيان الأول» ويطلق رصاصة «الرحمة» على هذه الثورة أو تلك ومن ثم تبدأ دورة الحياة السياسية السودانية الخبيثة ثورة انقلاب عسكري ثورة .. إلخ الموال. في مثل هذا المقام لا أمل من تكرار تلك الإجابة التي وجدناها من استاذ تاريخ بجامعة الخرطوم في منتصف الثمانينيات وكنا وقتها في صحيفة الأسبوع الأولى لقد سألناه لماذا تفشل ثورات؟ السودان فقال إن سقف الأماني والطموحات أعلى من قدراتها وامكاناتها وختم حديثه قائلاً لا بد من تحجيم الآمال!! والآن بعد كل هذه السنوات والعبر والدروس والاقتتال «وهزال» الأحزاب السياسية وفشلها في ترجمة ما يريده الشارع السوداني من آمال وتطلعات..!! ما أحوجنا للنظر لهذه الحكمة من جديد فالحزب الحاكم مطالب بتحجيم آماله في حكم السودان للأبد والمعارضة مطالبة بالنظر بواقعية «لحجمها» وكسبها الطبيعي ونظرة الناس لها وهم يتساءلون عن البديل؟. الغريب في الامر ان كل الاحزاب السودانية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ساهمت بصورة او بأخرى في صنع هذه الثورات والادهى والأمر انها هي ايضا ساهمت في «وأدها». قديماً قيل يصنع الشعب السوداني الثورة ويغني لها الشيوعيون ويحكمنا السيدان والآن أصبحوا ثلاثة!!