بالأمس كتبت عن اجتماع مجلس وزراء ولاية الخرطوم داخل مباني هيئة تنمية الأعمال والصناعات الصغيرة في الخرطوم بحري، وأشرنا إلى مداخلات وآراء طرحناها على الاجتماع بصفتنا مراقبون للشأن العام، وبناء على طلب السيد الوالي الدكتور عبد الرحمن الخضر الذي عقد أو دعا في الحقيقة لاجتماع موسع ضم وزراء الحكومة ورؤساء وأعضاء اتحادات أصحاب العمل والصناعات الصغيرة ورؤساء تحرير عدد من الصحف وكتاب أعمدة ومحررين ومختصين. استهوتني فكرة الهيئة - ونشأتها لما يمكن أن تقوم به من دور في ترقية المفاهيم والأداء والدعوة لإعلاء قيمة العمل الجماعي وفتح آلاف الفرص أمام مئات الآلاف من الخريجين الذين لا يجدون عملاً، ويبقون داخل منازلهم ينزوون وتأكل الحسرة قلوبهم ويصابون بالإحباط وعدم الثقة في النفس، ويلجأون إلى ثلاثة طرق لا رابع لها.. الأول هو السير في طريق التطرف لجوءاً إلى مهرب روحي، إذا كانت طينة الشاب أو الشابة طيبة.. أما الطريق الثاني فهو اللجوء إلى المخدرات، وهولجوء يدفع للجريمة بحسبان أن الشاب المتجه في هذا الطريق لا يملك ثمن المخدر الذي يريد، فينتحل شخصية وصفة رجل الأمن، أو يتلبسه الشيطان فيقطع الطريق ويسطو على حقوق الآخرين.. أو أو أو.. والخيارات مفتوحة وبلا نهاية. أما الطريق الثالث فهو محاولة توزيع شحنات الإحباط والفشل في التجمعات السياسية «الحادة» و «المتطرفة» بقصد هدم النظام الذي لم ينصفه ولم ينصف غيره فتتراكم المواجع التي ستجد حتماً من يسعى إلى تفجيرها ذات يوم. إذن الفكرة ممتازة وعبقرية، لكن غاب عنها المشروعات الجماعية الكبرى والمشروعات التقنية التي أصبحت لغة العصر ومفردته الحديثة.. وقد طرحنا ذلك صراحة، بل دعونا إلى مساعدة الشباب في إنشاء مكتبات الكترونية جماعية، ومراكز لتعليم الكمبيوتر والتدريب عليه، وإلى إنشاء الإذاعات المتخصصة «إف إم» مثل إذاعات المجتمع وإذاعات الشباب وغيرها، وغاب عنا ما رأينا أن نضيفه من خلال هذه الزاوية وهو تكثيف البحوث العلمية لاستخراج وتصنيع ورق الصحف من سيقان القطن أو غيرها.. والتفكير الجاد في إنشاء المشروعات السياحية الشبابية الجماعية.. ولن تعجز الهيئة ولا الولاية من التمويل.. كما لن يعجز الشباب عن النجاح. .. وجمعة مباركة .