حقيقة لم نود طوال الفترات السابقة التطرق لواقع تلفزيون الخرطوم البائس حتى لا تجف أحبار أقلامنا فيه، لأنه غير جدير بالمشاهدة والاحترام، رغم أن مهمتنا التطرق للمشاكل والأخطاء بالنقد البناء حتى ينصلح الحال، ولكن أي حال!! فحاله يغني عن السؤال ويعاني الأمرين، وكثرت فيه التكتلات والشلليات الداخلية، فكل مدير إدارة يعمل بطريقته الخاصة، حتى انعدمت فيه المؤسسية، وانعكس ذلك على برامجه المقدمة الضعيفة التي تفتقر للأفكار والرؤى البرامجية، فماذا كنا ننتظر منه سوى هذا الحال المتدني، والفشل الذريع في التعبير عن نفسه، وعن ولاية الخرطوم، حتى نفَّر الجمهور منه، وأصبح قناة بدون جمهور ولا تعبر إلا عن أفكار عقيمة وبدائية، برغم أن فترة بثه محصورة في ست ساعات فقط في اليوم ولكن على أرض الواقع هي ثلاث ساعات ليس إلا، لأن الثلاث الأخرى تقدم فيها الإعادة للساعات التي سبقتها، فتلفزيون لا تستطيع إدارته أن توظفه ثلاث ساعات فقط بالصورة الصحيحة، فما جدوى نقدنا له، فكما يقول المثل (الضرب على الميت حرام) حتى يئسنا من خيراً فيه، ولا نغفل هنا من دور الدولة في هذا التردي فقد رفعت يدها عنه بصورة شبه نهائية، والدليل على ذلك أن إرساله متوقف لأكثر من أربعة شهور بسبب تعطل أحد أجهزة البث، والذي تم استجلابه من الخارج، ولكن عجزت الإدارة عن توفير مبلغ ستة آلاف جنيه لتخليصه من الجمارك، وحتى أجور العاملين به تصلهم بعد أن تزهق أرواحهم، فهرب الكثير من كوادره المميزة للقنوات الأخرى، فلكل هذه العوامل وغيرها لا تستبشر بعمل مجدٍ لهذا التلفزيون البائس، لذلك وفرنا حبر أقلامنا عن الكتابة عنه لأنه شبيه بالإذاعة المدرسية. ولكن تجدد في دواخلنا الأمل في إحيائه مرة أخرى بصورة علمية متطورة من خلال أهتمام وزير الثقافة الولائي د. محمد عوض البارودي به متخذاً قراراً حكيماً، بتعيين الأستاذ عابد سيد أحمد مديراً له، وحضور البارودي ومدير عام وزارته د. هاشم الجاز لمراسم التسليم في بادرة هي الأولى من نوعها تعكس اهتمام الوزارة في الفترة المقبلة بتلفزيون الولاية، الذي عانى إهمال الدولة كثيراً.. وحقيقة اختيار الأستاذ عابد سيد أحمد لإدارة هذا الجهاز هو قرار سليم جداً وصادف أهله فامكانيات الرجل مهولة لا يختلف فيها اثنان، وله تجارب عظيمة وثرة في هذا المجال، ونتمنى أن يعكسها ويضيف عليها أفكاراً جديدة لرفعة هذا الجهاز.. ونحييه على القرارات الحكيمة التي اتخذها منذ تسلمه مقاليد الأمور، بتشكيل لجنة لإجازة البرامج يقودها الإعلامي الرقم د. صلاح الدين الفاضل، وإعادة البث الصباحي والليلي على مدار ال (24) ساعة، وفتح الباب لاستقطاب عدد من الكوادر المميزة، وإعادة كل نجوم التلفزيون الذين انتقلوا للقنوات والإذاعات الأخرى، وبدأ ذلك بإعادة الأستاذ مبارك خاطر مديراً للبرامج مرة أخرى، بعد استبعاده في الفترات السابقة، وكل هذه القرارات تهدف لنهضة القناة، وظهرت بوادر النجاح بنقل افتتاح الموسم الثقافي لولاية الخرطوم مباشرة لأول مرة في تاريخ هذا الجهاز، ونتعشم في الأستاذ عابد الكثير والكثير. وأخيراً نتمنى أن ينفذ قرار السيد والي الخرطوم د. عبد الرحمن الخضر والقاضي بانطلاق الفضائية داخل مباني تلفزيون الخرطوم، ولا تكون منفصلة عنه حتى لا يموت للأبد.